[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ]
(٣٠٨٩) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَبَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ غَيْرُ جَائِزٍ. لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي فَسَادِ هَذَيْنِ الْبَيْعَيْنِ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالْمُلَامَسَةُ، أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا، وَلَا يُشَاهِدُهُ، عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ وَقَعَ الْبَيْعُ. وَالْمُنَابَذَةُ، أَنْ يَقُولَ: أَيُّ ثَوْبٍ نَبَذْتَهُ إلَيَّ فَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا. هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَنَحْوُهُ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَفِيمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الْمُنَابَذَةِ» وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إلَى الرَّجُلِ، قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ أَوْ يَنْظُرَ إلَيْهِ، وَنَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ، لَمْسِ الثَّوْبِ لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ، فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَفْسِيرِهَا قَالَ: هُوَ لَمْسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ. وَالْمُنَابَذَةُ، أَنْ يَنْبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَوْبَهُ، وَلَمْ يَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ. وَعَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ بِهِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِمَا؛ لِعِلَّتَيْنِ؛ إحْدَاهُمَا، الْجَهَالَةُ.
وَالثَّانِيَةُ، كَوْنُهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ، وَهُوَ نَبْذُ الثَّوْبِ إلَيْهِ، أَوْ لَمْسُهُ لَهُ. وَإِنْ عَقَدَ الْبَيْعَ قَبْلَ نَبْذِهِ، فَقَالَ: بِعْتُكَ مَا تَلْمِسُهُ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ. أَوْ مَا أَنْبِذُهُ إلَيْك. فَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا مَوْصُوفٍ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ وَاحِدًا مِنْهَا.
المغني ،ج:4،ص:156.