بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّات]
فَصْلٌ: فَأَمَّا بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُهُ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي جَوَازِهِ. فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ جَوَازُهُ؛ لِقَوْلِهِ: " وَكُلُّ مَا فِيهِ الْمَنْفَعَةُ ". وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ مَائِعٌ خَارِجٌ مِنْ آدَمِيَّةٍ، فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، كَالْعَرَقِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ آدَمِيٍّ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ أَجْزَائِهِ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَبَنٌ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ، فَجَازَ بَيْعُهُ، كَلَبَنِ الشَّاهِ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ فِي إجَارَةِ الظِّئْرِ فَأَشْبَهَ الْمَنَافِعَ، وَيُفَارِقُ الْعَرَقَ، فَإِنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ، وَلِذَلِكَ لَا يُبَاعُ عَرَقُ الشَّاةِ، وَيُبَاعُ لَبَنُهَا. وَسَائِرُ أَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ يَجُوزُ بَيْعُهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ بَيْعُ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ، وَحَرُمَ بَيْعُ الْعُضْوِ الْمَقْطُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ.
المغني ،ج:4،ص:196.