[فَصْلٌ وَطْءُ أَمَتِهِ الْمَرْهُونَة]
(٣٣٣٦) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ وَطْءُ أَمَتِهِ الْمَرْهُونَةِ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ وَطْءُ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ فَإِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الْخَوْفُ مِنْ الْحَمْلِ، مَخَافَةَ أَنْ تَلِدَ مِنْهُ، فَتَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنْ الرَّهْنِ، أَوْ تَتَعَرَّضَ لِلتَّلَفِ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِيهِمَا. وَأَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِ هَذَا.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ مَنَعَ الرَّاهِنِ مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَرْهُونَةِ. وَلِأَنَّ سَائِرَ مَنْ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا، كَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَلِأَنَّ الَّذِي تَحْبَلُ فِيهِ يَخْتَلِفُ، وَلَا يَنْحَزِرُ، فَمُنِعَ مِنْ الْوَطْءُ جُمْلَةً، كَمَا حُرِّمَ الْخَمْرُ لِلسُّكْرِ، وَحُرِّمَ مِنْهُ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، لِكَوْنِ السُّكْرِ يَخْتَلِفُ. وَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِعَارِضٍ، كَالْمُحْرِمَةِ وَالصَّائِمَةِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا حَقَّ لَهُ فِي مَنْفَعَتِهَا، وَوَطْؤُهَا لَا يُنْقِصُ قِيمَتَهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهَا
وَإِنْ تَلِفَ جُزْءٌ مِنْهَا أَوْ نَقَصَهَا، مِثْلَ إنْ افْتَضَّ الْبِكْرَ أَوْ أَفْضَاهَا، فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ رَهْنًا مَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ قَضَاءً مِنْ الْحَقِّ، إنْ لَمْ يَكُنْ حَلَّ. فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ قَدْ حَلَّ، جَعَلَهُ قَضَاءً لَا غَيْرُ؛ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي جَعْلِهِ رَهْنًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ.
المغني ،ج:4،ص:272ـ273.