[مَسْأَلَةٌ الْحَاكِمَ إذَا حَجَرَ عَلَى السَّفِيه فَمِنْ عَامِله بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ الْمُتْلِفُ لِمَالِهِ]
(٣٤٨٠) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (فَمَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ الْمُتْلِفُ لِمَالِهِ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَجَرَ عَلَى السَّفِيهِ، اُسْتُحِبَّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ، لِيَظْهَرَ أَمْرُهُ، فَتُجْتَنَبَ مُعَامَلَتُهُ. وَإِنْ رَأَى أَنْ يَأْمُرَ مُنَادِيًا يُنَادِي بِذَلِكَ، لِيَعْرِفَهُ النَّاسُ، فَعَلَ.
وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْتَشِرُ أَمْرُهُ بِشُهْرَتِهِ، وَحَدِيثِ النَّاسِ بِهِ. فَإِذَا حُجِرَ عَلَيْهِ. فَبَاعَ وَاشْتَرَى، كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا، وَاسْتَرْجَعَ الْحَاكِمُ مَا بَاعَ مِنْ مَالِهِ، وَرَدَّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ بَاقِيًا. وَإِنْ أَتْلَفَهُ السَّفِيهُ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّفِيهِ.
وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِرِضَا أَصْحَابِهَا، كَاَلَّذِي يَأْخُذُهُ بِقَرْضٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، رَدَّهُ الْحَاكِمُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِنْ كَانَ تَالِفًا، فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ، عَلِمَ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ فَقَدْ فَرَّطَ، بِدَفْعِ مَالِهِ إلَى مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَهُوَ مُفْرِطٌ إذَا كَانَ فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ، هَذَا إذَا كَانَ صَاحِبُهُ قَدْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ، فَأَمَّا إنْ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِاخْتِيَارِ صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ، كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ، فَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إنْ أَتْلَفَهُ، أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ صَاحِبه، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْقَبْضُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ عَرَّضَهَا لِإِتْلَافِهِ، وَسَلَّطَهُ عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَ الْمَبِيعَ.
وَأَمَّا مَا أَخَذَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ صَاحِبِهِ، أَوْ أَتْلَفَهُ، كَالْغَصْبِ وَالْجِنَايَةِ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنْ الْمَالِكِ، لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَوْ فَعَلَا ذَلِكَ، لَزِمَهُمَا الضَّمَانُ، فَالسَّفِيهُ أَوْلَى. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا كُلِّهِ كَذَلِكَ.
المغني ،ج:4،ص:353.