إخْرَاجُ الميازيب إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ]
(٣٥٢٣) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ. وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَى دَرْبٍ نَافِذٍ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ إخْرَاجُهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اجْتَازَ عَلَى دَارِ الْعَبَّاسِ وَقَدْ نَصَبَ مِيزَابًا عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَلَعَهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: تَقْلَعُهُ وَقَدْ نَصَبَهُ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ؟ فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا نَصَبْته إلَّا عَلَى ظَهْرِي، وَانْحَنَى حَتَّى صَعِدَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَنَصَبَهُ.
وَمَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِغَيْرِهِ فِعْلُهُ، مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ. وَلِأَنَّ
الْحَاجَةَ
تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُهُ رَدَّ مَائِهِ إلَى الدَّارِ. وَلِأَنَّ النَّاسَ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.
وَلَنَا، أَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ فِي هَوَاءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ كَانَ الطَّرِيقِ غَيْرُ نَافِذٍ وَلِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ وَأَهْلِهَا، فَلَمْ يَجُزْ كَبِنَاءِ دَكَّةٍ فِيهَا أَوْ جَنَاحٍ يَضُرُّ بِأَهْلِهَا. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ، فَإِنَّ مَاءَهُ يَقَعُ عَلَى الْمَارَّةِ، وَرُبَّمَا جَرَى فِيهِ الْبَوْلُ أَوْ مَاءٌ نَجِسٌ فَيُنَجِّسُهُمْ، وَيَزْلَقُ الطَّرِيقَ، وَيَجْعَلُ فِيهَا الطِّينَ، وَالْحَدِيثُ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ فِي دَرْبٍ غَيْرِ نَافِذٍ، أَوْ تَجَدَّدَتْ الطَّرِيقُ بَعْدَ نَصْبِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ
دَاعِيَةٌ إلَيْهِ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِهِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ.
المغني ،ج:4،ص:375ـ376.