وَضَعَ خَشَبَة عَلَى حَائِط غَيْره

وَضَعَ خَشَبَة عَلَى حَائِط غَيْره

اللفظ / العبارة' وَضَعَ خَشَبَة عَلَى حَائِط غَيْره
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

[فَصْلٌ وَضَعَ خَشَبَة عَلَى حَائِط غَيْره]

(٣٥٢٥) فَصْلٌ: فَأَمَّا وَضْعُ خَشَبَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْحَائِطِ لِضَعْفِهِ عَنْ حَمْلِهِ، لَمْ يَجُزْ، بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لَا ذَكَرْنَا، وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ.» وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِهِ، إلَّا أَنَّ بِهِ غَنِيَّةً عَنْ وَضْعِ خَشَبِهِ عَلَيْهِ، لِإِمْكَانِ وَضْعِهِ عَلَى غَيْرِهِ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ أَيْضًا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ. لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ كَبِنَاءِ حَائِطٍ عَلَيْهِ. وَأَشَارَ ابْنُ عَقِيلٍ إلَى جَوَازِهِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِهِ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ مَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ حَقِيقَةُ الْحَاجَةِ، كَأَخْذِ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْفَسْخِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِالْعَيْبِ، اتِّخَاذِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ، وَإِبَاحَةِ السَّلَمِ، وَرُخَصِ السَّفَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَأَمَّا إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى وَضْعِهِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ، أَوْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ التَّسْقِيفُ بِدُونِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَضْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ. وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: لَيْسَ لَهُ وَضْعُهُ.

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ، كَزِرَاعَتِهِ. وَلَنَا، الْخَبَرُ وَلِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِحَائِطِ جَارِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّ بِهِ، أَشْبَهَ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَالِاسْتِظْلَالَ بِهِ، وَيُفَارِقُ الزَّرْعَ، فَإِنَّهُ يَضُرُّ، وَلَمْ تَدْعُ إلَيْهِ حَاجَةٌ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ لِلْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ حِيطَانٍ، وَلِجَارِهِ حَائِطٌ وَاحِدٌ، وَلَيْسَ هَذَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ، إنَّمَا قَالَ، فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: لَا يَمْنَعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ، وَكَانَ الْحَائِطُ يَبْقَى. وَلِأَنَّهُ قَدْ يَمْتَنِعُ التَّسْقِيفُ عَلَى حَائِطَيْنِ إذَا كَانَا غَيْرَ مُتَقَابِلَيْنِ، أَوْ كَانَ الْبَيْتُ وَاسِعًا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِ جِسْرًا ثُمَّ يَضَعُ الْخَشَبَ عَلَى ذَلِكَ الْجِسْرِ.

وَالْأَوْلَى اعْتِبَارُهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ اعْتِبَارِ التَّسْقِيفِ بِدُونِهِ. وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرْنَا بَيْنَ الْبَالِغِ وَالْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا. وَاَللَّه أَعْلَمُ.

المغني ،ج:4،ص:376.

Loading...