الأمر الرابع: فى شفقة التاجر على دينه فيما يخصه ويعم آخرته، لا ينبغي للتاجر أن يشغله معاشه عن معاده، بل يراعى دينه، وإنما تتم شفقته على دينه بمراعاة ستة أشياء:
الأول: حسن النية فى التجارة، فلينو بها الاستعفاف عن السؤال، وكف الطمع عن الناس، والقيام بكفاية العيال، ليكون بذلك من جملة المجاهدين، ولينوا النصح للمسلمين.
الثاني: أن يقصد القيام فى صناعته أو تجارته بفرض من فروض الكفايات، فإن الصناعة والتجارة لو تركت بطل المعاش، إلا أن من الصناعة ما هو مهم ومنها ما يستغني عنه لكونه متعلقاً بالزينة أو طلب التنعم، فليشتغل بصناعة مهمة، ليكون فى قيامه بها كافياً عن المسلمين مهماً، وليتجنب صناعة الصياغة، والنقش، وتشييد البنيان بالجص، وجميع ما يزخرف به، فانه مكروه.
ومن المعاصي: خياطة الخياط القباء الديباج للرجل، ويكره أن يكون جزاراً، لأنه يوجب قساوة القلب، أو حجاماً، أو كناساً لما فيه مباشرة النجاسة، وفى معناه الدباغ.
ولا يجوز أخذا الأجرة على تعليم القرآن، والعبادات، وفروض الكفايات.
الثالث: أن لا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة، وسوق الآخرة المساجد، فينبغي أن يجعل أول النهار إلى وقت دخول السوق لآخرته، فيواظب على الأوراد، وقد كان صالحو السلف من التجار يجعلون أول النهار وآخره للآخرة، ووسطه للتجارة، وإذا سمع أذان الظهر والعصر، فينبغي أن يترك المعاش اشتغالاً بأداء الفرض.
الرابع: أن يلازم ذكر الله تعالى فى السوق، ويشتغل بالتسبيح والتهليل.
الخامس: أن لا يكون شديد الحرص على السوق والتجارة، فلا يكون أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها.
السادس: أن لا يقتصر على اجتناب الحرام بل يتوقى مواقع الشبه ومواضع الريب، ولا يقف مع الفتاوى، بل يستفتي قلبه ما يحز في القلب.