عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تصلّ إلا إلى سترة، ولا تدع أحداً يمرّ بين يديك، فإن أبى فلتقاتله، فإن معه القرين)) (٣)
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلّى أحدكم فليصلّ إلي سترة، وليدن منها، ولا يدع أحداً يمر بينه وبينها، فإن جاء أحد يمر فليقاتله، فإنه شيطان)) (٤) .
(١) ٣ (كشاف القناع: (١/٣١٩) . (٢) ٤ (فتح القدير: (١/٣٠٠) والدين الخالص: (٣/٢٠٣) (٣) ١ (أخرجه مسلم في ((الصحيح)) : رقم (٢٦٠) وابن خزيمة في ((الصحيح)) : رقم (٨٠٠) واللفظ له والحاكم في ((المستدرك)) : (١/٢٥١) والبيهقي في ((السنن الكبري)) : (٢/٢٦٨) . (٤) ٢ (أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : (١/٢٧٩) وأبو داود في ((السنن)) : رقم (٦٩٧) وابن ماجة في ((السنن)) : رقم (٩٥٤) وابن حبان في ((الصحيح)) : (٤/٤٨و٤٩-الإحسان) والبيهقي في ((السنن الكبري)) : (٢/٢٦٧) . وإسناده حسن.
وفي رواية ((فإن الشيطان يمرّ بينه وبينها)) .
وعن سهل ابن أبي حثمة رضي الله عنه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((إذا صلى أحدكم إلى سترة، فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته)) (١) .
وفي رواية:((إذا صلى أحدكم فليستتر، وليقترب من السترة، فإن الشيطان يمرّ بين يديه)) (٢) .
قال الشوكاني معلّقاً على حديث أبي سعيد السابق:((فيه أن اتخاذ السترة واجب)) (٣) .
وقال:((وأكثر الأحاديث مشتملة على الأمر بها، وظاهر الأمر الوجوب، فإن وجد ما يصرف هذه الأوامر عن الوجوب إلى النّدب فذاك، ولا يصلح للصّرف قوله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يضره ما مر بين يديه)) لأن تجنب المصلّى لما يضرّه في صلاته، ويُذهِبُ بعضَ أجرها، واجب عليه)) (٤) .
(١) ٣ (أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : (١/٢٧٩) واحمد في ((المسند)) : (٤/٢) والطيالسي في ((المسند)) رقم (٣٧٩) والحميدي في المسند: (١/١٩٦) وأبو داود في ((السنن)) : رقم (٦٩٥) والنسائي في ((المجتبي)) : (٢/٦٢) وابن خزيمة في ((الصحيح)) : رقم (٨٠٣) وابن حبان في ((الصحيح)) : (٤/٤٩) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) : (١/٤٥٨) والطبراني في ((المعجم الكبير)) : (٦/١١٩) والحاكم في ((المستدرك)) : (١/٢٥١) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) : (٢/٢٧٢) والحديث الصحيح. (٢) ٤ (هذا لفظ ابن خزيمة. (٣) ٥ (نيل الأوطار: (٣/٢) . (٤) ٦ (السيل الجرار: (١/١٧٦) .
ومما يؤكّد وجوبها: أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود، كما صحّ ذلك في الحديث، ولمنع المارّ من المرور بين يديه. وغير ذلك من الأحكام المرتبطة بالسّترة (١) .
ولهذا حرص السّلف الصالح - رضوان الله عليهم - على السترة في صلاتهم، فجاءت أقوالهم وأفعالهم تترى في الحثّ عليها، والأمر بها، والإنكار على مَنْ لم يصل إليها.
عن قرّة بن إياس قال: رآني عمر، وأنا أُصلي بين اسطوانتين، فأخذ بقفائي فأدناني إلى سترة، فقال: صل إليها (٢) .
قال الحافظ ابن حجر: أراد عمر بذلك أن تكون صلاته إلى سترة (٣) .
وعن ابن عمر قال: إذا صلى أحدكم، فليصلّ إلى سترة، وليدن منها، كيلا يمر الشيطان أمامه (٤) .
وقال ابن مسعود: أربع من الخلفاء: أن يصلي الرّجل إلى غير سترة ... أو يسمع المنادي ثم
(١) ١ (تمام المنة: (ص ٣٠٠) . (٢) ٢ (أخرجه البخاري في ((صحيحه)) : (١/٥٧٧ – مع الفتح) تعليقاً بصيغة الجزم ووصله ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : (٢/٣٧٠) . (٣) ٣ (فتح الباري: (١/٥٧٧) . (٤) ٤ (أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : (١/٢٧٩) بسند صحيح.
لا يجيبه (١) .
((فانظر - يا أخي القارىء، هداني الله وإياك - كيف أتت الأوامر من النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذى طاعته طاعة الله عزّ وجلّ، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وكيف أمر أصحابُه بما أمر به، حتى إن عمر- رضي الله عنه - الخليفة الراشد، الذى هو مَنْ هو، يأتي لصحابي جليل، وهو يصلّي، فيأخذ بقفائه، ليدنيه إلى سترة، يصلي إليها، وانظر إلى ابن مسعود، كيف قرن صلاة الرجل إلى غير سترة مع سماع المؤذّن، ثم لا يجيبه السامع)) (٢) .
وعن انس قال: لقد رأيتُ أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السّواري عند المغرب، حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣) .
وفي رواية: وهم كذلك يصلّون الرّكعتين قبل المغرب (٤) .
فهذا أنس يحكي عن الصّحابة في الوقت الضّيق، كيف يبتدرون السواري لصلاة الركعتين قبل المغرب.
وعن نافع قال: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلاً إلي سارية من سواري المسجد، قال لي: ولّني ظهرك (٥) .
(١) ٥ (أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : (٢/١٦) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) : (٢/٢٨٥) وهو صحيح. (٢) ٦ (أحكام السترة في مكة وغيرها: (ص ١٣-١٤) .. نشر دار ابن القيم بالدمام. (٣) ٧ (أخرجه البخاري في ((صحيحه)) : رقم (٥٠٣) (٤) ٨ (أخرجه البخاري في ((صحيحه)) : رقم (٦٢٥) (٥) ١ (أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) : (١/٢٧٩) بسند صحيح.