حكم الجهر بالنية والقول بوجوب مقارنتها مع تكبيرة الإحرام
اللفظ / العبارة'
حكم الجهر بالنية والقول بوجوب مقارنتها مع تكبيرة الإحرام
متعلق اللفظ
مسائل فقهية
الحكم الشرعي
بدعة
القسم
المناهي العملية
Content
الجهر بالنية لا يجب ولا يستحب باتفاق علماء المسلمين ، بل الجاهر بالنية مبتدع مخالف للشريعة ، وإذا فعل ذلك معتقدا أنه من الشرع فهو جاهل ضال ، يستحق التعزير ، وإلا فالعقوبة على ذلك إذا أصر على ذلك بعد التعريف والبيان له، لا سيما إذا أذى من إلى جانبه بصوته، أو كرر ذلك مرة بعد مرة.وقد أفتى غير واحد من علماء المسلمين بذلك، فمنهم:القاضي أبو الربيع سليمان بن الشافعي، قال:((الجهر بالنّية وبالقراءة خلف الإمام ليس من السنّة، بل مكروه، فإن حصل به تشويش على المصلّين فحرام، ومن قال بإن الجهر بلفظ النيّة من السنّة فهو مخطئ، ولا يحلّ له ولا لغيره أن يقول في دين الله تعالى بغير علم)) .
ومنهم: أبو عبد الله محمد بن القاسم التونسي المالكي، قال:((النيّة من أعمال القلوب، فالجهر بها بدعة، مع ما في ذلك من التشويش على الناس)) . ومنهم:الشيخ علاء الدّين بن العطّار قال: ورفع الصّوت بالنيّة مع التشويش على المصلّين حرام إجماعاً، ومع عدمه بدعة قبيحة، فإن قصد به الرّياء كان حراماً من وجهين، كبيرة من الكبائر، والمنْكِرُ على مَنْ قال بأن ذلك من السنّة مصيب، ومصوّبة مخطئ، ونسبته إلي دين الله اعتقاداً كفر، وغير اعتقاد معصية.
ويجب على كل مؤمن تمكَّن مِن زجره، ومنعه وردعه، ولم ينقل هذا النقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولاعن أحدٍ من أصحابه، ولا عن أحد ممن يقتدى به من علماء الإسلام)) (١) ١ (.
وكذلك التلفّظ بالنيّة سرّاً لا يجب عند الأئمة الأربعة وسائر أئمة المسلمين، فلم يقل أحد بوجوب ذلك، لا في الطهارة ولا في الصلاة ولا الصوم.
سأل أبو داود الإمام احمد، فقال: بقول المصلّي قبل التكبير شيئاً؟ قال: لا (٢) ٢ (.
قال السيوطي: ((ومن البدع أيضاً: الوسوسة في نيّة الصّلاة، ولم يكن ذلك من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابة، كانوا لا ينطقون بشيء من نية الصلاة بسوى التكبير. وقد قال تعالى:
{لقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة} (٣) .
وقال الشافعي رضي الله عنه:
(١) ١ (انظر هذه النّقول في ((مجموعة الرسائل الكبرى)) : (١/٢٥٤-٢٥٧) (٢) ٢ (مسائل الإمام احمد: (ص ٣١) ومجموع الفتاوى (٢٢/٢٨) . (٣) سورة الأحزاب: آية رقم (٢١) الوسوسة في نية الصّلاة والطهارة من جهلٍ بالشرع، أو خبلٍ بالعقل))(١).
وللتلفظ بالنيّة آثار سيّئة كثيرة، فترى المصلّي ينطق بنيّة الصلاة واضحة مفسّرة، ثم يهمُّ بالتكبير، فيظن أنه يستحضر النيّة.
قال ابن الجوزي:((ومن ذلك: تلبيسه عليهم في نية الصّلاة. فمنهم مَنْ يقول: أُصلّي صلاة كذا، ثم يعيد، هذا ظنّاً منه أنه قد نقض النية، والنية لا تنقض، وإن لم يرض اللفظ. ومنهم: مَنْ يكبّر ثم ينقض ثم يكبر ثم ينقض، فإذا ركع الإمام كبر الموسوس وركع معه، فليت شعري! ما الذي أحضر النية حينئذ؟! وما ذاك إلا لأن إبليس أراد أن يفوته الفضيلة. وفي الموسوسين مَنْ يحلف بالله لا كّبرتُ غير هذه المرّة. وفيهم مَنْ يحلف بالله بالخروج من ماله أو بالطلاق، وهذه كلها تلبيسات إبليس.
والشريعة سمحة سهلة سليمة من هذه الآفات، وما جرى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا لأصحابه شيء من هذا)) (٢) .
وسبب هذا الوسواس: أن النيّة تكون حاضرةً في قلب هذا الموسوس، ويعتقد أنها ليست في قلبه، فيريد تحصيلها بلسانه، وتحصل الحاصل محال!
وقد غلط أبو عبد الله الزّبيري من الشافعيّة على الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى – إذ خرّج وجهاً من كلام الإمام زاعماً أنه يوجب التلفّظ بالنيّة في الصّلاة! والسبب في غلطه: سوءُ فهمه لعبارة الشافعي.
فعبارة الشّافعي هذا نصّها: إذا نوى حجّاً وعمرة أجزأ، وإنْ لم يتلفّظ وليس كالصّلاة لا تصح إلا بالنّطق)) (٣) .
(١) الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع: (لوحة ٢٨/ب) وقامت دار ابن القيم بالدمام بطبعة بتحقيقي. (٢) تلبيس إبليس: (ص: ١٣٨) .