قال ابن القيم: ((ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - تغميضُ عينيه في الصّلاة، وقد تقدّم انه كان في التشهد يُومئ ببصره إلى أصبعه في الدّعاء، ولا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إشارَتَهُ)) (٢) .
وقال الفيروز آبادي:((كان - صلى الله عليه وسلم - يفتح عينه المباركة في الصَّلاة، ولم يكن يغمضها كما يفعله بعض المتعبّدين)) (٣) .
(٢) مضى تخريجه. (٣) سفر السّعادة: (ص ٢٠) . ودلّت كثير من الأحداث على أنه لم يكن يغمض عينيه في لصّلاة، مثل:مدّ يده في صلاة
الكسوف ليتناول العنقود لما رأى الجنّة، وكذلك رؤيته النار وصاحبة الهرة فيها، وحديث مدافعته للبهيمة التي أرادت أن تمرّ بين يديه، وردّه الغلام والجارية، وكذلك أحاديث ردّ السلام بالإشارة على مَنْ سلّم عليه وهو في الصّلاة، فإنه كان يشير إلى من يراه، وكذلك حديث تعرُّض الشيطان له، فأخذه فخنقه، وكان ذلك رؤية عين، فهذه الأحاديث وغيرها، يستفادُ من مجموعها بأنه لم يكن يُغْمِضُ عينيه في الصلاة.
وقد اختلف الفقهاء في كراهته، فكرهه الإِمامُ أحمد وغيره، وقالوا: هو فعل اليهود، وأباحه جماعة ولم يكرهوه، وقالوا: قد يكون أقربَ إلى تحصيل الخشوع الذي هو روحُ الصّلاة وسرُّها ومقصودُها.
والصّواب أن يُقال: إنْ كان تفتيح العين لا يُخِلُّ بالخشوع، فهو أفضل، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتّزويق أو غيره مما يُشوش عليه قلبه، فهنالك لا يُكره التغميضُ قطعاً، والقول باستحبابه في هذا الحال أقربُ إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة، والله أعلم (١).