الأمر الثاني: وهو العدل، واجتناب الظلم فى المعاملة، ونعنى بالظلم ما يتضرر به الغير، وهو ينقسم إلى ما يعم ضرره وما يخص.
الأول: الاحتكار، وهو منهي عنه لما فيه من غلاء السعر وتضييق الأقوات على الناس.
وصفته: أن يستكثر من ابتياع الغلات فى الغلاء، ويتربص بها زيادة الأسعار، فأما إذا دخلت له غلة من ضيعته وحبسها، فليس محتكراً، وكذلك إذا كان الشراء فى حال الاتساع والرخص على صفة لا يضيق على الناس، وفى الجملة تكره التجارة فى القوت، لأنه قوام الآدمي.
القسم الثاني: ما يخص ضرره، نحو أن يثنى على السلعة بما ليس فيها، أو يكتم بعض عيوبها فيضر بذلك المشترى. وقد قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم:"من غشنا ليس منا"(١).
واعلم: أن الغش حرام فى البيوع، وفى الصناعات، وقد سئل الإمام أحمد عن رَفْو الثواب حتى لا يبين، فقال: لا يجوز لمن يبيعه أن يخفيه.
وينبغى للتاجر أن يحقق الوزن، ولا يتخلّص فى هذا حتى يرجح إذا أعطى، وينقص إذا أخذ، ومتى خلط العلاّف الطعام تراباً ثم كاله فهو مطفف، وكذلك القصاب إدا خلط عظما لم تجر العادة بمثله.
وقد نُهى عن النَّجَش، وهو أن يزيد فى السلعة من لا يريد شراءها ليغر المشترى، ونهى عن التصرية.
مختصر منهاج القاصدين ،ص:85.
(١) وأخرجه مسلم في "صحيحه" أيضاً (١٠٢) بلفظ "من غش ليس مني".