إهمال أدب المجالسة وحق الجليس الصالح

إهمال أدب المجالسة وحق الجليس الصالح

اللفظ / العبارة' إهمال أدب المجالسة وحق الجليس الصالح
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف، وأحمد بن عبد الله بن عمر، وخلف بن سعيد بن أحمد، وسعيد بن سيّد، ومحمد بن عبد الله بن حكم، وأحمد بن عبد الله بن محمدّ بن عليّ، واللفظ لسعيد بن سيّد، قالوا: حدثنا محّمد بن عمر بن لبانة، وسليمان بن عبد السّلام، قالا: حدثنا محّمد بن أحمد العتيبيّ، عن أبي المصعب الزّهري، عن عبد العزيز بن أبي حازم، وحدّثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدّثنا بكر بن حماّد، قال: حدّثنا مسدّد: حدثنا أبو عوانة كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: " من قام من مجلسه، ثم رجع فهو أحقّ به " ورواه حّماد بن سلمة عن سهيل، بإسناد مثله.

وحدثنا سعيد بن نصر، وعبد الوارث بن سفيان، وأحمد بن محّمد، وأحمد بن قاسم قالوا: حدّثنا قاسم، قال: حدثنا ابن وضّاح، قال: حدّثنا محمد بن مسعود، قال: حدّثنا يحيى القطّان، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتى أحدم المجلس فليسلّم، وإذا قام فليسلم، فليست الأولى بأحقّ من الأخرى ".

وحدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال حدثنا أبو بكر محمد بن داسة قال: حدّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي المولى عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن أبي سعيد الخدريّ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " لا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه ثم يجلس فيه " قال: وكان ابن عمر إذا قام له رجلٌ من مجلسه، من غير أني يقيمه لم يجلس فيه. ومن حديث أبي بكرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: مثله.

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " المجالس بالأمانة، وإنما يتجالس الرّجلان بأمانة الله عزّوجلّ فإذا تفرّقا فليستر كلٌّ منهما حديث صاحبه " وقال أبو البختري: كانوا يكرهون أن يقوم الرجل للرّجل من مجلسه، ولكن ليوسع له.

ومن حديث سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: " لا يوسّع في المجالس إلاّ لثلاثة:لذي علم لعلمه، ولذي سن لسنّه، أو لذي سلطان لسلطانه ".

ومن حديث جابر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " المجالس بالأمانة إلا ثلاثة: مجلسٌ سفك فيه دمٌ حرامٌ، ومجلسٌ استحلّ فيه فرجٌ حرام، ومجلسٌ استحلّ فيه مالٌ حرام بغير حقه ".

ومن حديث عمر بن عبد العزيز، عن محّمد بن كعب القرظّي، عن ابن عباس عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: " لكل شيءٍ شرفٌ، وإنّ شرف المجالس، ما استقبل فيه القبلة ".

وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: " إذا جلس إليك رجلٌ، فلا تقومنّ حتى تستأذنه ".

وقال صلّى الله عليه وسلّم: " إذا قام الرّجل من مجلسه، فهو أحق به حتّى ينصرف إليه، ما لم يودِّع جلساءه بالسَّلام ".

وقال صلّى الله عليه وسلّم: " لا يفرِّق واحدٌ منكم بين اثنين متجالسين إلاَّ بإذنهما، ولكن تفسَّحوا وأوسعوا ".

وقال أنس بن مالكٍ: ما أخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم ركبتيه ولا قدميه بين يدي جليسٍ له قطّ، ولا تناول أحدٌ يده فتركها حتّى يكون هو الّذي يدعها.

وقال ابن شهاب: كان رجل يجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزال يتناول عن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلم الشىء، وكأنّ ذلك آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا نزع أحدكم عن أخيه شيئاً فليره إياّه ".

وحدث الحسن البصري: أنّ رجلاً تناول عن رأس عمر بن الخطّاب شيئاً فتركه مرتين، ثم تناول الثالثة، فأخذ عمر بيده، فقال: أرني ما أخذت؟ وإذا هو لم يأخذ شيئاً!! فقال: انظروا إلى هذا، قد صنع هذا ثلاث مراتٍ يريني أنّه يأخذ من رأسي شيئاً ولا يأخذه، فإذا أخذ أحدكم من رأس أخيه شيئاً فليره إيّاه.

قال الحسن: نهاهم أمير المؤمنين عن الملق.

وقال الحسن: لو أنّ إنساناً أخذ من رأسي شيئا، قلت: صرف الله عنك السُّوء.

وكان محّمد بن سيرين: إذا أخذ أحدٌ من لحيته أو رأسه شيئاً، قال: لا عدمت نافعاً.

وروي عن عمر بن الخطّاب أنه قال: إذا أخذ أحدٌ عنك شيئاً، فقل: أخذت بيدك خيراً.

وقد روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: لأبي أيّوب الأنصاريّ - وقد نزع عنه أذّى -: " نزع الله عنك ما تكره يا أبا أيّوب ".

قال عمر بن الخطّاب: فحسب المرء من العيّ أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه أن يجد على النّاس فيما تأتيه، وأن يظهر له من النّاس ما يخفى عليه من نفسه.

وعن عمر رضي الله عنه قال: إن مما يصفّي وداد أخيك، أن تبدأه بالسّلام إذا لقيته، وأن تدعوه بأحبّ الأسماء إليه، وأن توسّع له في المجلس.

قال أيّوب الأنصاريّ: من أراد أن يكثر علمه، فليجالس غير عشيرته.

روى سفيان بن عيينة، عن مالك بن معن، قال: قال عيسى صلى الله عليه وسلّم: جالسوا من تذكركم بالله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغّبكم في الآخرة عمله.

قال المدائني: أوصى يحيى بن خالد ابنه، فقال: يا بنيّ إذا حدّثك جليسك حديثاً، فأقبل عليه وأصغ إليه، ولا تقل قد سمعته وإن كنت أحفظ له، وكأنك لم تسمعه إلاّ منه، فإنّ ذلك يكسبك المحبة والميل إليك.

وعن عبد الملك بن عمير، قال: قال سعيد بن العاص: لجليسي عليّ ثلاث خصال: إذا دنا رحّبت به، وإذا جلس وسّعت له وإذا حدث أقبلت عليه.

وذكر ابن مقسم، قال: سمعت المبرِّد يقول: الاستماع بالعين، فإذا رأيت عين من تحدّثه ناظرةً إليك فاعلم أنه يحسن الاستماع. وقد روينا هذا القول عن سهل بن عبادة.

ومن حديث جابر عن النبيّ عليه السلام، أنّه قال: " من كان له أخٌ في الله فأكرمه فإنما يكرم الله ".

وروينا عن ثعلب النحوي، أنّه قام لصديق قصده، وأنشده:

لئن قمت ما في ذاك منها غضاضةٌ ... عليّ وإنّي للكرام مذلّل

على أنّها منّي لغيرك هحنةً ... ولكنّها بيني وبينك تجمل

ولغيره في هذا المعنى:

إذا ما تبدّى لنا طالعاً ... حللنا الحبا وابتدرنا القياما

فلا تنكرنّ قيامي إليه ... فإنّ الكريم يجلُّ الكراما

وروينا من حديث عائشة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: " أنزلوا النّاس منازلهم ". قال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: إذا الرجل عند رجلٍ جالساً، فجاءه طالب حاجةٍ، فسكت عن عونه فقد أعان عليه.

قال عمرو بن العاص: لا أملُّ جليسي ما فهم عنّي، وإنما الملال لدناءة الرّجال. قال: الشّعبيّ في قومٍ ذكرهم: ما رأيت مثلهم أشدّ تنابذاً في مجلس، ولا أحسن فهماً من محدِّث.

روى الأصمعيّ عن العلاء بن جرير عن أبيه، قال: قال الأحنف بن قيس: لو جلس إليّ مائةٌ لأحببت أن ألتمس رضى كلّ واحدٍ منهم.

وقال عبد الله بن عبّاس: أعز الناس عليّ جليسي الذي يتخطّى النّاس إليّ، أما والله إنّ الذّباب يقع عليه فيشقّ عليّ.قال كشاجم:

؟ وجليسٍ لي أخي ثقةٍ ... كأن حديثه خبره

يسرّك حسن ظاهره ... وتحمد منه محتضره

ويستر عيب صاحبه ... ويستر أنّه ستره

وقال آخر:

جليسٌ لي له أدب ... رعاية مثله تجب

لو انتقدت خلائقه ... لبهرج عندها الذّهب

وعن ابن عبّاس، أنه قال: إنّي لأكره أن يطأ الرجل بساطي ثلاثاً فلا يرى عليه أثرى.

وعنه أيضاً رضي الله عنه، أنه سئل: من أكرم الناس عليك؟ قال: جليسي حتّى يفارقني.

قال معاوية لعرابة الأوسي: بأيّ شيءٍ استحققت أن يقول فيك الشّماّخ:

رأيت عرابة الأوسيّ يسمو ... إلى الخيرات منقطع القرين

إذا ما رايةٌ رفعت لمجدٍ ... تلقاّها عرابة باليمين

فقال: عرابة: سماع هذا من غيري أولى بك وبي يا أمير المؤمنين، فقال: عزمت عليك لتخبرنّي. فقال: بإكرامي جليسي، ومحاماتي على صديقي.

فقال معاوية: لقد استحققت.

قال عليّ بن الحسين: ما جلس إليّ أحدٌ قط، إلاّ عرفت له فضله حتى يقوم. قال أبو عبادة: ما جلس رجل بين يديّ، إلا مثّل لي أني جالس بين يديه. روى عن عبد الله بن يزيد، وقد روى ذلك لأبي حازم، أنه قال: وطّن نفسك على الجليس السوء، فإنه لا يكاد يخطئك. وقد روى ذلك عن الأحنف، والله أعلم قال بعض الحكماء: رجلان ظالمان يأخذان غير حقّهما، رجلٌ وسّع له في مجلس ضيّق فتربّع وتفتح، ورجلٌ أهديت إليه نصيحةٌ فجعلها ذنباً.

كتاب بهجة المجالس ،ص:3.

Loading...