بيان حكم سجود السهو

بيان حكم سجود السهو

اللفظ / العبارة' بيان حكم سجود السهو
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي الوجوب
القسم المناهي العملية
Content

في حكم سجود السهو.

ذهب بعض الفقهاء إلى أن سجود السهو مستحب وليس واجباً!! وهو قول مرجوح، فالراجح أنه واجب لا مستحب، لأمره صلى الله عليه وسلم به، ومداومته عليه، كلما وقع منه ما يقتضي السجود.

قال ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) : (٢٣/٢٦) :

((وأما وجوبه، فقد أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبى هريرة المتقدّم لمجرد الشك، فقال: إذا قام أحدكم يصلى، جاءه الشيطان، فلبّس عليه صلاته، حتى لا يدرى كم صلى فإذا وجد أحدكم ذلك، فليسجد سجدتين وهو جالس)) وذكر أربعة أحاديث أخرى، ثم قال: ((فهذه خمسة أحاديث

صحيحة، فيها كلها يأمر الساهي بسجدتي السهو، وهو لما سهى عن التشهد الأول سجدها بالمسلمين قبل السلام، ولما سلم في الصلاة من ركعتين أو من ثلاث، صلى ما بقي، وسجدها بعد الصلاة، ولما ذكّروه أنه صلى خمساً سجدها بعد السلام والكلام.

وهذا يقتضى مداومته عليهما وتوكيدهما، وأنه لم يدعهما في السهو المقتضي لهما قط، وهذه دلائل بيّنة واضحة على وجوبهما، وهو قول جمهور العلماء، وهو مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة وليس مع من لم يوجبوهما حجة تقارب ذلك)) .

[٩/٢١] * جملة أخطاء في كيفية سجود السهو ومكانة والأسباب الموجبة له.

اختلف الفقهاء في كيفية الأخذ بالأحاديث الواردة في سجود السهو، فمنهم من قال: إنه يكون قبل السلام بإطلاق! ومنهم من ذهب إلى أنه بعد السلام بإطلاق!! وأصح الأقوال وأظهرها ـ كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوي)) : (٢٣/٢٤) ـ الفرق بين الزيادة والنقص، وبين الشك مع التحرى، والشك مع البقاء على اليقين، وهذا إحدى الروايات عن أحمد، وقول مالك قريب منه، وليس مثله.

فمن ترك التشهد الأول سجد قبل السلام، ومن زاد سجد بعد السلام، وإذا شك فتحرى سجد بعد السلام، وإذا شك فبنى على اليقين سجد قبل السلام، وإذا سلم من نقص سجد بعد السلام.

يقول ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ أيضاً: ((وهذا القول هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث، لا يترك منها حديث، مع استعمال القياس ، الصحيح فيما لم يرد فيه نص، وإلحاق ما ليس بمنصوص بما يشبهه من النصوص)) .

ومن الأخطاء التي تقع لبعض المصلين في الحالة التي ينبغي عليهم أن يسجدوا بعد السلام: تركه حال نسيانه، فمن الفقهاء من قال: إذا طال الفصل لم يسجد، ولم يبن، ولم يحدّ هؤلاء طول الفصل لغير قولهم، وهذا قول كثير من أصحاب الشافعي وأحمد.

وقيل: يسجد ما دام في المسجد، فإنْ خرج انقطع، وهذا هو الذي ذكره الخرقي وغيره، وهو منصوص عن أحمد، وهو قول الحكم وابن شبرمة.

وقيل: كلٌّ منهما مانعٌ من السجود: طول الفصل، والخروج من المسجد.

وعن أحمد رواية أخرى: أنه يسجد، وإنْ خرج من المسجد وتباعد، وهو قول للشافعي، وهذا هو الأظهر، فإن تحديد ذلك بمكان أو بزمان لا أصل له في الشرع، أفاده شيخ الإسلام في ((مجموع الفتاوى)) : (٢٣/٤٣) .

ومن الأخطاء أيضاً في الحالة السابقة قراءة التشهد بعد سجود السهو، وقبل السلام! نعم أخرج أبو داود في ((سننه)) : رقم (١٠٣٩) والترمذي في ((جامعه)) : رقم (٣٩٥) وابن حبان في ((صحيحه)) : رقم (٥٣٦ – موارد) وابن خزيمة في ((صحيحه)) : (٢/١٣٤) والحاكم في ((المستدرك)) : (١/٣٢٣) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) : (٢/٣٥٥) وابن الجارود في ((المنتقى)) : رقم (٣٤٧) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا أشعث بن عبد الملك عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال:

((صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس، فسها في صلاته، فسجد سجدتي السهو، ثم تشهد، ثم سلّم) ، إلا أن هذا حديث ضعيف شاذ.وإنْ قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين)) ووافقه الذهبيُّ!!

قلت: لا، وأشعث بن عبد الملك وإن كان ثقةً، فإن مسلماً لم يُخرج له مطلقاً، وعلَّق له البخاريُّ في ((الصحيح)) فلا يكونُ على شرط واحدٍ منهما. والله أعلم.

وقال الترمذيُّ: ((حديث حسنُ غريبٌ)) .

وفي بعض النسخ زيادة: ((صحيحُ)) .

قلت: وهذا السندُ وإن كان ظاهرُهُ الصحة، فإن ذكر التشهد قبل السلام من سجود السهو شاذ؛ لأن أشعث بن عبد الملك هو الذي تفرد بذكر التشهد في سجود السهو.

وقد صحّ الحديث بدون هذه الزيادة.

فأخرجه مسلم (٥٧٤) ، وأبي عوانة (٢/١٩٨-١٩٩) ، وأبو داود (١٠١٨) ، والنسائي (٣/٢٦) وابنُ ماجه (١٢١٥) ، وأحمد (٤/٤٢٧، ٤٤١، والطيالسيُّ (٨٤٧) ، وابن خزيمة (٢/١٣٠) ، وابنُ حبان (ج ٤/رقم ٢٦٦٣) ، وابنُ الجارود (٢٤٥) ، والطحاويُّ في ((شرح المعاني)(١/٤٤٢/٤٤٣) ، والبيهقيُّ (٢/٣٣٥، ٣٥٤، ٣٥٥، ٣٥٩) من طرقٍ عن خالد

الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة العصر ثلاث ركعات، فسلَّم، فقيل له. فصلى ركعةً، ثم سلَّم، ثم سجد سجدتين، ثم سلَّم)) .

وقد رواه عن خالد الحذَّاء جماعة منهم: ((شعبة، ووهيب، وابنُ عُلَيَّةَ، والثقفي، وهشيم، وحماد بن زيد، ومعتمر بن سليمان، ويزيد بن زريع، ومسلمة بن محمد وغيرهم)) .

فثيت بذلك أن الحديث ثابت بغير هذه الزيادة، يدلُّ على ذلك أن محمد بن سيرين، قيل له: فالتشهُّدُ؟! - يعني بعد سجود السهو - قال: ((لم أسمع في التشهد شيئاً)) .

القول المبين في أخطاء المصلين، ص:143إلى 147.

Loading...