[فَصْلٌ فِي اسْتِحْبَابِ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ]
فَصْلٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي أَحْكَامِهِ الْمُنْتَقَى عَنْ قِيَامِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّيْفِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ. لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي ذَمِّهِ لِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الرَّئِيسِ الرِّجَالَ عَلَى رَأْسِهِ فِي مَقَامِ الْخَوْفِ وَمَوَاطِنِ الْحُرُوبِ جَائِزٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ صُفُوفًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ قَصَدَ بِهِ الْكِبْرَ وَهُوَ مَذْهَبُ النَّحْوِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَقْصُودٍ شَرْعِيٍّ لَا بَأْسَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الآداب الشرعية ،ج:1،ص:415.