كشف دعاة المرأة إلى الرَّذيلة قال أبو محمد عبد الحق الإشبيلي رحمه الله تعالى:
لا يخدعنَّك عن دين الهُدى نَفَرٌ
لم يُرزَقُوا في التماس الحق تأييدا
عُمْي القلوب عَرُوا عن كل قَائدةٍ
لأنهم كفروا بالله تقليداً
(الحديقة لمحب الدين الخطيب)
أما بعد: فهذه هي الفضيلة لنساء المؤمنين، وهذه هي الأصول التي تقوم عليها وتحرسها من العدوان عليها، لكن بعض مَن في قلوبهم مرض يأبون إلا الخروج عليها، بنداءاتهم المعلنة في
ذلك، فمعاذ الله أن يَمُرَّ على السمع والبصر، إعلان المنكر والمناداة به، وهضم المعروف والصدّ عنه، ولا يكون للمصلحين مِنَّا في وجه هذا العدوان صَوتٌ جَهيزٌ بإحسان يَبْلُغُ الحاضر والباد، إقامة لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي به يُنافَحُ عن الدين، ويُنصح للمسلمين عن الترذي في هوة صيحات العابثين، وبه تُحْرَسُ الفضائل، وتكبت الرذائل، ويؤخذ على أيدي السفهاء، ومعلوم أن فشُوَّ المنكرات يكون بالسكوت عن الكبائر والصغائر، وبتأويل الصغائر، لا سيما ونحن نُشاهد كظيظاً من زِحام المعدومين
المجهولين من أهل الرَّيب والفتن، المستغربين المُسَيَّرين بحمل الأقلام المتلاعبة بدين الله وشرعه، يختالون في ثياب الصحافة والإعلام، وقد شرحوا بالمنكر صدراً، فانبسطت ألسنتهم بالسوء، وجَرَت أقلامهم بالسُّوأَى، وجميعها تلتئم على معنى واحد: التطرف الجنوني في مزاحمة الفطرة، ومنابذة الشريعة، وجرِّ أذيال الرذائل على نساء المسلمين، وتفريغهن من الفضائل، بدعوتهم الفاجرة في بلاد الإسلام إلى: حرية المرأة والمساواة بين المرأة والرجل في جميع الأحكام، للوصول إلى: جريمة التبرج والاختلاط وخلع الحجاب.
ونداءاتهم الخاسرة من كل جانب بتفعيل الأسباب لخلعه من البقية الباقية في نساء المسلمين، اللائي أسلمن الوجه لله تعالى، وسلَّمن القيادة لمحمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -.ص:93.
نسأل الله لنا ولهن الثبات، ونبرأ إلى الله من الضلالة، ونعوذ بالله من سوء المنقلب.
وهؤلاء الرُّماة الغاشون لأمتهم، المشؤومون على أهليهم وبني جنسهم بل على أنفسهم، قد عَظُمت جرَاءتهم، وتَلَوَّن مَكْرُهم، بكلمات تخرج من أفمامهم، وتجري بها أقلامهم، إذ أخذوا يهدمون في الوسائل، ويخترقون سدَّ الذرائع إلى الرذائل، ويتقحَّمون
الفضائل، ويهوِّنون من شأنها، ويسخرون منها ومن أهلها.
نعم قد كتب أولئك المستغربون في كل شؤون المرأة الحياتية، وخاضوا في كل المجالات العلمية، إلا في أمومتها وفطرتها، وحراسة فضيلتها.
كل هذا البلاء المتناسل، واللّغو الفاجر، وسَقَط القول المتآكل، تفيض به الصحف وغيرها باسم التباكي والانتصار للمرأة في حقوقها، وحريتها، ومساواتها بالرجل في كل الأحكام، حتى يصل ذوو الفَسَالة المستغربون إلى هذه الغاية الآثمة؛ إنزال المرأة إلى جميع ميادين الحياة، والاختلاط، وخلع الحجاب، بل لتمد المرأة يدها بطوعها إلى
وجهها، فتسفع عنه خمارها مع ما يتبعه من فضائل.
وإذا خُلع الحجاب عن الوجه فلا تسأل عن انكسار عيون أهل الغيرة، وتقلص ظلِّ الفضيلة وانتشار الرذيلة، والتحلل من الدين، وشيوع التبرج والسفور والتهتك والإباحية بين الزناة والزواني، وأن تهب المرأة نفسها لمن تشاء.
وفي تفسير ابن جرير عند قول الله تعالى:{والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً}[النساء: ٢٧] ، قال مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى: يزني أهل الإسلام كما يزنون، قال: هي كهيئة: {ودوا لو تدهن فيدهنون}