التشبه بأهل الشر مثل أهل الكفر والفسوق والعصيان وقد وبخ الله من تشبه بهم في شيء من قبائحهم
اللفظ / العبارة'
التشبه بأهل الشر مثل أهل الكفر والفسوق والعصيان وقد وبخ الله من تشبه بهم في شيء من قبائحهم
متعلق اللفظ
مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي
حرام
القسم
المناهي العملية
Content
(أحدهما) التشبه بأهل الشر مثل أهل الكفر والفسوق والعصيان وقد وبخ الله من تشبه بهم في شيء من قبائحهم فقال تعالى: {فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم وخضتم كالذي خاضوا} .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالمشركين وأهل الكتاب، فنهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وعلل بأنه: " حينئذ يسجد لها الكفار ". فيصير السجود في ذلك الوقت تشبها في الصورة،الظاهرة،. وقال صلى الله عليه وسلم:" إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم " وفي رواية عنه صلى الله عليه وسلم: " غيروا الشيب ولا تشبهوا اليهود ". وقال صلى الله عليه وسلم:" خالفوا المشركين، اعفوا الشوارب واحفوا اللحى " وفي رواية: " جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس ". ص:42.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في النعال مخالفة لأهل الكتاب. وروي عنه صلى الله عليه وسلم انه قال:" ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود والنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالكف " خرجه الترمذي. ونهى عن التشبه بهم في أعيادهم وقال عبد الله بن عمر:" من أقام بأرض المشركين يصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر يوم القيامة معهم ". وقال الإمام أحمد:" أكره حلق القفا، وهو من فعل المجوس، ومن تشبه بهم فهو منهم.
فالتشبه بالمشركين والمغضوب عليهم والضالين من أهل الكتاب منهي عنه ولا بد من وقوعه في هذه الأمة كما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حيث قال: " لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه " قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: " فمن؟ ".
قال ابن عيينة: كان يقال من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى.
ووجه هذا أن الله ذم علماء اليهود بأكل السحت، واكل الأموال بالباطل والصد عن سبيل الله، وبقتل النبيين بغير حق، وبقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس، وبالتكبر عن الحق وتركه عمداً خوفاً من زوال المأكل والرياسات وبالحسد وبقسوة القلب، وبكتمان الحق، وتلبيس الحق بالباطل، وكل هذه الخصال توجد في علماء السوء من أهل البدع ونحوهم. ولهذا تشبهت الرافضة باليهود في نحو من سبعين خصلة.
وأما النصارى فذمهم الله بالجهل والضلالة، وباللغو في الدين بغير الحق، ورفع المخلوق إلى درجة لا يستحقها، حتى يدعى فيه الإلهية. واتباع الكبراء في التحليل والتحريم. وكل هذا يجد في جهال المسلمين المنتسبين إلى العبادة من هذه الأمة.
فمنهم من يعبد بالجهل بغير علم، بل يذم العلم وأهله، ومنهم من يغلو في بعض الشيوخ فيدعي فيه الحلول، ومن يدعي الحلول المطلق والاتحاد، ومنهم من يغلو فيمن يعتقده من الشيوخ كما يغلو النصارى في رهبانهم ويعتقدون ان لهم أن يغلو في الدين ما شاؤوا، وأن من رضي عنه غفر له، ولا يبالي بما عمل من عمل، وأن محبتهم لا يضر معها ذنب.
وقد كان الشيوخ العارفون ينهون عن صحبة الأشرار، وأن ينقطع ص:44.
العبد عن الله بصحبته الأخيار، فمن صحب الأخيار بمجرد التعظيم لهم والغلو فيهم زائداً غلواً عن الحد وعلق قلبه بهم فقد انقطع عن الله بهم، وإنما المراد من صحبة الأخيار أن يوصلوا من صحبهم إلى الله ويسلكوا طريقه ويعلموه دينه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أهله وأصحابه على التمسك بالطاعة ويقول:" اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من الله شيئاً " وقال لأهله: " إن أوليائي منكم المتقون يوم القيامة، لا يأتي الناس بالأعمال وتأتون بالدنيا تحملونها على رقابكم فتقولون: يا محمد. فأقول: قد بلغت ". ولما سأله ربيعة الأسلمي مرافقته في الجنة قال " فأعني على نفسك بكثرة السجود ".
فإنما يراد من صحبة الأخيار إصلاح الأعمال والأحوال والاقتداء،
كتاب الحكم الجديرة بالإذاعة لابن رجب الحنبلي، ص:45.