تحريم العضل

تحريم العضل

اللفظ / العبارة' تحريم العضل
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

تحريم العَضْل

وإن كان القول الراجح يقضي بعدم جواز إجبار الولي المرأة على الزواج ممن لا تريده، فإنه لا يجوز له عضلها عن الزواج.

والعَضْل هو: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه (١).

وقد حرّم الإسلام العَضْل فقال سبحانه: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢).

وسبب نزول الآية ما أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب النكاح، باب: من قال: «لا نكاح إلا بولي» لقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} (٣) من طريق الحسن قال: حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه، قال: زوجت أختًا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها، جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدًا. وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}


(١) ينظر: المغني (٧/ ٢٤).
(٢) البقرة: (٢٣٢).
(٣) (٥/ ١٩٧٢) ٤٨٣٧.ص:771.

فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إيّاه.

قال الحافظ: «وفي حديث معقل أن الولي إذا عضل لا يزوج السلطان إلا بعد أن يأمره بالرجوع عن العضل، فإن أجاب فذاك، وإن أصرّ زوّج عليه الحاكم» (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: « … وإذا رضيت رجلًا، وكان كفؤًا لها، وجب على وليها -كالأخ، ثم العم- أن يزوجها به، فإن عضلها أو امتنع عن تزويجها زوّجها الولي الأبعد منه، أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤًا باتفاق الأئمة، وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية، والظلمة الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرض؛ لا لمصلحة المرأة، ويكرهوها على ذلك، أو يُخْجِلوها حتى تفعل، ويعضلوها عن نكاح من يكون كفؤًا لها لعداوة أو غرض، وهذا كله من عمل الجاهلية، والظلم والعدوان، وهو مما حرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، واتفق المسلمون على تحريمه، وأوجب الله على أولياء النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة لا في أهوائهم كسائر الأولياء والوكلاء ممن تصرف الغيرة، فإنه يقصد مصلحة من تصرف له، لا يقصد هواه، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله أن تؤدي إلى أهلها فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (٢) (٣).

• وقد ذكر سماحة العلامة ابن باز -رحمه الله- صورة من صور العضل المبنية على الحمية حيث قال: «ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية،


(١) الفتح (٩/ ١٨٨).
(٢) النساء: (٥٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٣٢ - ٥٢ - ٥٣).ص،772.

وبعض الحاضرة من حجر ابنة العم ومنعها من الترويج من غيره، وهذا منكر عظيم، وسنة جاهلية، وظلم للنساء، وقد وقع بسبه فتن كثيرة، وشرور عظيمة من شحناء، وقطعية رحم، وسفك دماء، وغير ذلك» (١).

ألا فليتق الله الأولياء فيمن تحت أيديهم من النساء، ولا يعضلوهن لأهواء نفوسهم، أو لمتاع دنيا زائف، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، ودعوة المظلوم محابة.


(١) نصيحة وتنبيه على مسائل النكاح مخالفة للشرع (٥).

 كتاب حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية  ،ص:773.

Loading...