تضييع حقوق المرأة الجنسية

تضييع حقوق المرأة الجنسية

اللفظ / العبارة' تضييع حقوق المرأة الجنسية
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

وإن كان على المرأة حق إجابة الرجل إذا دعاها لفراشه، فإنَّ أبت فإن فعلها كبيرة، أخرج البخاري في صحيحه في كتاب النكاح، باب: إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها (١)، ومسلم في صحيحه في كتاب النكاح، باب: تحريم امتناعها من فراش زوجها (٢) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح» واللفظ لمسلم.

فعلى الرجل أيضًا أن يشبع رغبات زوجته؛ لأن هذا عدل أمرنا الله بأدائه،ص:785.

أخرج مسلم في صحيحه (١) من حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» ومن العدل أن يعطي حق الآخر كما يأخذ حقه، وإلا فالتطفيف فعله، وقد حذر الرب جل وعلا منه فقال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (٢).

يقول ابن القيم: «وقد اختلف الفقهاء هل يجب على الزوج بجامعة امرأته، فقالت طائفة: لا يجب عليه ذلك؛ فإنه حق له فإن شاء استوفاه، وإن شاء تركه بمنزلة من استأجر دارًا إن شاء سكنها، وإن شاء تركها.

وهذا من أضعف الأقوال، والقرآن والسنة والعرف والقياس يرده، أما القرآن فإن الله سبحانه وتعالى قال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٣) فأخبر أن للمرأة من الحق مثل الذي عليها، فإن كان الجماع حقًا للزوج عليها، فهو حق على الزوج بنص القرآن، وأيضًا فإنه سبحانه وتعالى أمر الأزواج أن يعاشروا الزوجات بالمعروف، ومن ضد المعروف أن يكون عنده شابة شهوتها تعدل شهوة الرجل أو تزيد عليها بأضعاف مضاعفة، ولا يذيقها لذة الوطء مرة واحدة، ومن زعم أن هذا من المعروف كفاه طبعه ردًا عليه، والله سبحانه وتعالى إنما أباح للأزواج إمساك نسائهم على هذا الوجه لا على غيره فقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٤).


(١) كتاب الإمارة، باب: فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية … (٣/ ١٤٥٨) ١٨٢٧.
(٢) المطففين: (١ - ٣).
(٣) البقرة: (٢٢٨).
(٤) البقرة: (٢٢٩). ص:786.

وقالت طائفة: يجب عليه وطؤها في العمر مرة واحدة؛ ليستقر لها بذلك الصداق، وهذا من جنس القول الأول، وهذا باطل من وجه آخر؛ فإن المقصود إنما هو المعاشرة بالمعروف، والصداق دخل في العقد تعظيمًا لحرمته، وتفريقا بينه وبين السفاح، فوجوب المقصود بالنكاح أقوى من وجوب الصداق.

وقالت طائفة ثالثة: يجب عليه أن يطأها في كل أربعة أشهر مرة، واحتجوا على ذلك بأن الله سبحانه وتعالى أباح للْمُوْلي تربص أربعة أشهر، وخير المرأة بعد ذلك إن شاءت أن تقيم عنده، وإن شاءت أن تفارقه، فلو كان لها حق في الوطء أكثر من ذلك، لم يجعل للزوج تركها في تلك المدة، وهذا القول وإن كان أقرب من القولين اللذين قبله، فليس بصحيح، فإنه غير المعروف الذي لها وعليها، وأما جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر فنظرًا منه سبحانه للأزواج، فإن الرجل قد يحتاج إلى ترك وطء امرأته مدة لعارض من سفر، أو تأديب، أو راحة نفس، أو اشتغال بهم؛ فجعل الله سبحانه وتعالى له أجلًا أربعة أشهر، ولا يلزم من ذلك أن يكون الوطء مؤقتًا في كل أربعة أشهر مرة.

وقالت طائفة: بل يجب عليه أن يطأها بالمعروف، كما ينفق عليها ويكسوها ويعاشرها بالمعروف بل هذا عمدة المعاشرة، ومقصودها، وقد أمر الله سبحانه وتعالى أن يعاشرها بالمعروف، فالوطء داخل في هذه المعاشرة ولابد قالوا: وعليه أن يشبعها وطْأً إذا أمكنه ذلك كما عليه أن يشبعها قوتًا، وكان شيخنا -رحمه الله- يرجح هذا القول ويختاره» (١).


(١) روضة المحبين (٢١٧).ص:787.

 وقد اتفق الفقهاء على أن للمرأة فسخ النكاح إذا ثبتت عِنّة (١) الرجل (٢).

وإن امتنع الرجل من وطء الزوجة مع قدرته، ضرب الحاكم له أمد الإيلاء أربعة أشهر؛ فإن فاء وإلا لزمه الطلاق (٣).


(١) قال القونوي في أنيس الفقهاء (١٦٥): «العنين من لا يقدر على الجماع، أو يصل إلى الثيب دون البكر، أو لا يصل إلى امرأة واحدة بعينها فحسب، وإنما يكون ذلك لمرض به، أو لضعف في خلقته، أو لكبر سنه، أو لسحر فهو عنين في حق من لا يصل إليها لفوات المقصود» وانظر لسان العرب (٣/ ٢٩٠) مادة (ع ن ن)، المطلع (٣١٩).
(٢) ينظر: التمهيد (١٣/ ٢٢٦)، بدائع الصنائع (٢/ ٣٢٣)، روضة الطالبين (٧/ ١٩٥)، المغني (٧/ ١٤٣).

كتاب :حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية،ص:788.

Loading...