ترك الصّلاة في الصّف الأوّل ووقوف غير أولي النّهي خلف الإمام فيه

ترك الصّلاة في الصّف الأوّل ووقوف غير أولي النّهي خلف الإمام فيه

اللفظ / العبارة' ترك الصّلاة في الصّف الأوّل ووقوف غير أولي النّهي خلف الإمام فيه
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي مكروه
القسم المناهي العملية
Content

وإن من المؤسف:

[١/٣٤] أن ترى بعض المبكّرين في الحضور إلى المسجد، لا يحرصون على الصفّ الأول، ويزهدون فيه، وبعضهم يعتقد أن الثّواب المذكور يتحصل عليه مَنْ أتى مبكراً، وإن لم يصلّ في الصّف الأوّل!! وهذا اعتقاد فاسد.

قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ: ((واعلم أن الصف الأوّل الممدوح الذي قد وردت الأحاديث بفضله، والحثّ عليه، وهو الصف الذي يلي الإمام، سواء جاء صاحبه، متقدّماً أو متأخّراً، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا، هذا هو الصحيح، الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث، وصّرح به المحققون.

وقال طائفة من العلماء: الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه، لا يتخلله شيء، وإن تأخّر. وقيل: الصف الأوّل عبارة عن مجيء الإنسان إلى المسجد أوّلاً، وإنْ صلّى في صفٍّ متأخرٍ. وهذان القولان غلط صريح، وإنما أذكره ومثله، لأنبّه على بطلانه، لئلا يغترّ به، والله أعلم)) (٢) انتهى.

وقد حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من التأخر عن الصّفوف، فقال عندما رأى في بعض أصحابه تأخّراً: تقدّموا، فائتموا بي، وليأتمّ بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخّرون حتى يؤخّرهم الله (٣) .

ومعنى قوله: ((لا يزال قوم يتأخّرون)) أي: عن الصفوف الأولى ((حتى يؤخّرهم الله)) عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة، وعن العلم، ونحو ذلك (٤) .

ومن المؤسف أيضاً:

[٢/٣٤] أن ترى بعض العوام، يداومون على الوقوف خلف الإمام مباشرة، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ليلني منكم أولوا الأحلام والنّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق)) (١) .

في هذا الحديث: تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام، لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف، فيكون هو أولى، ولأنه يتفطّن لتنبيه الإِمام على السهو، لما لا يتفطن له غيره،وليضبطوا صفة الصلاة، ويحفظوها وينقلوها،ويعلّموها النّاس،وليقتدي بأفعالهم مَنْ وراءهم (٢) .

وإن هؤلاء العوام قمينّ بهم أن يؤخَّروا، مرّة تلو أُخرى، حتى يعرفوا منازلهم، فلا يتعدوها، وأن يفعل بهم أهلُ العلم والنهى والأحلام ما فعل أُبي بن كعب ببعض التّابعين.

عن قيس بن عباد قال: بينما أنا بالمدنية في المسجد في الصّف المقدّم، قائم أُصلّي، فجذبني رجل من خلفي جذبة، فنحاني وقام مقامي، قال: فوالله ما عقلتُ صلاتي، فلما انصرف فإذا هو أُبيّ بن كعب، فقال: يا فتى لا يسؤك الله، إن هذا عهد من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا أن نليه، ثم استقبل القبلة، فقال: هلك أهل العقدة، ورب الكعبة، ثلاثا ثم قال: والله ما عليهم آسى، ولكن آسى على مَنْ أضلّوا، قال: قلت: مَنْ تعني بهذا؟ قال: الأمراء (٣) .

وفي فعل أبيّ ـ رضي الله عنه ـ بيان أن أولي الأحلام والنّهى، أحق بالصف الأوّل. وأن لهم شق الصفوف عند حضورهم، ليقوموا بالصف الأوّل (٤) .

والأفضل لهؤلاء العوام أن يصلوا في ميامن الصفوف، دون الإيطان في مكان معيّن، كما قدمنا.

القول المبين في أخطاء المصلين ،ص:218 إلى 220.

Loading...