(الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان).

(الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان).

اللفظ / العبارة' (الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان).
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يصح
القسم المناهي العملية
Content

[وقفات مع كتاب عبد الله عزام]

والذي دفعنا لهذا الكلام هو صدور كتاب عنوانه: (الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان).

وهذا العنوان أثار عجبي، فنحن منذ زمن طويل نقرأ أن أهم وأوجب فرض فرضه الله سبحانه على عباده هو توحيد الله وإخلاص العبادة له وحده، فكيف نقول: إن الدفاع عن الأراضي هو أهم فروض الأعيان؟! هذا شيء عجيب يستوقف الإنسان المنصف المخلص ليرجع إلى أصل القضية.

وأنا أقول: فَرقٌ بين من يقول: "إن الجهاد واجب" -وقد أفتى بذلك الشيخ عبد العزيز بن باز جزاه الله خيراً- أي: على المسلمين عموماً بما يستطيعون، وبين من يقول: الجهاد أو الدفاع عن أراضي المسلمين أهم فروض الأعيان.

في أي كتاب هذا القول وبأية سنة؟! لابد أن نعرف الغلو الواقع في هذا العنوان وفي هذا الكتاب؛ مع أننا لا ننكر أصل القضية، ولكن نحن نعلم من دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن أهم فروض الأعيان هو عبادة الله وحده، والإخلاص لله وحده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومن أجل ذلك نجاهد لتكون كلمة الله هي العليا، فليست القضية قضية أرض ولا تراب.ص:3.

 [معارضة عنوان الكتاب للأحاديث الصحيحة]

والأدلة من نفس هذا الكتاب، فمثلاً: الحديث الذي ذكره في بداية الكتاب يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له}.

وهذا الحديث جاء به الشيخ في أول الكتاب! فلماذا بعث محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالسيف؟ أحتى يدافع عن أراضي الإسلام؟ أم حتى يعبد الله وحده لا شريك له؟ إن أهم فروض الأعيان -وهو الفرض الذي من أجله فرض الجهاد- أن يعبد الله وحده لا شريك له.

وكون ذلك لا يتحقق إلا بالجهاد مسألة أخرى؛ مع أنه قد يتحقق بغير الجهاد أحياناً، فلذلك لابد أن نعد أنفسنا ونعد أمتنا لتحقيق الفرض العيني الواجب على كل مسلم وعلى كل مكلف، وهو توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

لما بعث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذ بن جبل إلى اليمن أمره بقوله: {فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله} ولا يعني هذا أنهم لا يجاهدون الكفار، بل يجاهدون؛ لكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يبدأ بأهم فروض الأعيان وهو توحيد الله.

ثم قال له: {فإن هم أجابوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات}.

ثم بعد ذلك الزكاة، وبعد ذلك تأتي الأحكام الأخرى فلا يجوز أن نخرج عما أنزل الله، وعما شرع الله.ص:4.

[معارضة عنوان الكتاب للآيات القرآنية]

ونذكر نفس الآيات التي ذكرها الشيخ: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} [الحج:٤٠].

فقد أذن الله للمؤمنين بالجهاد؛ حتى لا تهدم المساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيراً، وهذا يدل على أن أهم شيء يجب أن نحافظ عليه هو الدين، هو أن تبقى المساجد يذكر فيها اسم الله عز وجل، وأن تبقى أماكن العبادة لله وحده.

فهذا الذي من أجله ندعو ومن أجله نجاهد، وبناءً على ذلك نعمل بفرض العين الأساسي الذي يجب على كل مسلم أن يعمل من أجله، فإذا اعتدي على بقعة من بقاع المسلمين وجاهدنا المعتدي، فليس من أجل الدفاع عن الأرض، بل من أجل المساجد، ومن أجل ألا يعبد إلا الله وحده، إذا استبانت هذه القضية فحينئذٍ نسأل: ما حكم هذه البقعة؟ هل نذهب جميعاً؟ هل يذهب بعضنا؟ هل نساعد؟ فتلك أحكام أخرى.

والشيخ -غفر الله لنا وله- يقول: أفتى الشيخ -يعني الشيخ عبد العزيز بن باز - بأن هذه الرسالة طيبة، ووافق عليها، ولكنه اقترح علي أن أختصرها؛ حتى يكتب لي مقدمة، وبعد ذلك يقول: كان الوقت ضيقاً أيام الحج، ولم يتسع المجال لعرضها عليه مرة أخرى، ولذلك لا نستطيع أن نقول: إن الشيخ ابن باز أقر هذه الرسالة.

ثم يقول: أفتى الشيخ ابن باز في مسجد ابن لادن في جدة وفي الجامع الكبير بـ الرياض أن الجهاد اليوم فرض عين وهذا الكلام مجمل، أي: فتوى الشيخ ابن باز بأن الجهاد فرض عين.

فأنا أقول: إن الجهاد فرض عين؛ لكن إذا كان الجهاد فرض عين، فهل يعني ذلك أن نلزم كل إنسان بالذهاب إلى الجهاد؟ أم نأخذ أهم فروض الأعيان؟ وفروض الأعيان هل هي فرض واحد أم فروض؟ الشيخ عبد الله قال: "أهم فروض الأعيان" فلنفترض أنها خمسة مثلاً أو سبعة، فهي عدة فروض، فما هو أهمها؟ نبدأ بذكرها واحداً واحداً، فإذا ذكرنا أحدها، نظرنا: هل هو أهمها؟ فقد يكون فرض عين؛ لكن ترتيبه العاشر أو الثامن أو الرابع أو الثاني، فكون الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله قال: "إن هذا فرض عين" لا يعني أنه أهم فروض الأعيان، وأن به نبدأ الآن، وننطلق وننسى ما عداه من الفروض! وهذا الشيء ينبغي أن يعلم.

كتاب دروس الشيخ سفر الحوالي ،ج : 3 ص:5.




Loading...