في بيان المصافحة في أدبار الصلوات .

في بيان المصافحة في أدبار الصلوات .

اللفظ / العبارة' في بيان المصافحة في أدبار الصلوات .
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي بدعة
القسم المناهي العملية
Content

وإذا كانت هذه البدعة محصورةً زمن المصنّف بعد صلاتين، فقد صارت في زماننا بعد كلّ صلاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقال اللكنوي: ((قد شاع في عصرنا هذا، في أكثر البلاد، وخصوصاً في بلاد الدكن، التي هي منبع البدع والفتن، أمران، ينبغي تركهما:

أحدهما: أنهم لا يسلّمون عند دخول المسجد، وقت صلاة الفجر، بل يدخلون ويصلون السنّة، ثم يصلّون الفرض، ويسلّمون بعضهم على بعض بعد الفراغ منه، ومن توابعه، وهذا أمر قبيح، فإن السلام إنما هو سنّة عند الملاقاة، كما ثبت ذلك في الأخبار، لا في أثناء المجالسة.

وثانيهما: أنهم يصافحون بعد الفراغ من صلاة الفجر والعصر، وصلاة ، كيف، وقد نقل المحققون من أهل العلم، أن المصافحة المذكورة، بالهيئة السابقة، بدعة؟ !

قال العزّ بن عبد السلام: ((المصافحة عقب الصبح والعصر من البِدّع، إلا لقادمٍ يجتمع بمن يصافحه قبل الصلاة، فإن المصافحة مشروعة عند القدوم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي بعد الصّلاة بالأذكار المشروعة، ويستغفر ثلاثاً، ثم ينصرف!! وروي أنه قال: ((ربّ قٍني عذابك يوم تبعث عبادك)(٤) والخير في إتباع الرسول)) (٥) .

وإذا كانت هذه البدعة محصورةً زمن المصنّف بعد صلاتين، فقد صارت في زماننا بعد كلّ صلاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وقال اللكنوي: ((قد شاع في عصرنا هذا، في أكثر البلاد، وخصوصاً في بلاد الدكن، التي هي منبع البدع والفتن، أمران، ينبغي تركهما:

أحدهما: أنهم لا يسلّمون عند دخول المسجد، وقت صلاة الفجر، بل يدخلون ويصلون السنّة، ثم يصلّون الفرض، ويسلّمون بعضهم على بعض بعد الفراغ منه، ومن توابعه، وهذا أمر قبيح، فإن السلام إنما هو سنّة عند الملاقاة، كما ثبت ذلك في الأخبار، لا في أثناء المجالسة.

وثانيهما: أنهم يصافحون بعد الفراغ من صلاة الفجر والعصر، وصلاة العيدين والجمعة، مع أن مشروعية المصافحة أيضاً، أنما هي عند أوّل الملاقاة)) (١) .

وقال بعد أن ذكر الخلاف في المصافحة دبر الصلاة: ((وممن منعه ابن حجر الهيتمي الشافعي وقطب الدين بن علاء الدين المكي الحنفي، وجعله الفاضل الرومي في ((مجالس الأبرار)) من البدع الشنيعة، حيث قال: المصافحة حسنة في حال الملاقاة، وأما في غير حال الملاقاة، مثل كونها عقب صلاة الجمعة والعيدين، كما هو العادة في زماننا، فالحديث سكت عنه، فيبقى بلا دليل وقد

تقرر في موضعه: أن ما لا دليل عليه مردود، ولا يجوز التقليد فيه)) (٢) .

وقال أبضاً: ((على أن الفقهاء من الحنيفّة والشافعيّة والمالكيّة صرحوا بكراهتها، وكونها بدعة. قال في ((الملتقط)) : يكره المصافحة بعد الصّلاة بكل حال، لأن الصحابة ما صافحوا بعد الصلاة، ولأنها من سنن الروافض. وقال ابن حجر من علماء الشافعيّة: ما يفعله الناس من المصافحة عقيب الصلوات الخمس مكروهة، لا أصل لها في الشرع)) (٣) .

وأفصح رحمه الله تعالى عن اجتهاده واختياره، فقال: ((والذي أقول: إنهم قد اتفقوا على هذه المصافحة ليس لها أصل في الشرع، ثم اختلفوا في الكراهة والإباحة، والأمر إذا دار بين الكراهة الإباحة، ينبغي الإفتاء بالمنع فيه، لإن دفع مضرّة أولى من جلب مصلحة، فكيف لايكون أولى من فعل أمر مباح، على أن المصافحين في زماننا يظنونه أمراً حسناً، ويشنعون على مانعه تشنيعاً بليغاً، ويصرون عليه إصراراً شديداً، وقد مر أن الإِصرار على المندوب يبلغه إلى حدّ الكراهة، فكيف إصرار البدعية التي لا أصل لها في الشرع،

وعلى هذا فلا شك في الكراهة، وهذا هو غرض مَنْ أفتى بالكراهة، مع أن الكراهة إنما نقلها مِنْ نقلها مِنْ عبارات المتقدمين والمفتين، فلا يوازيها روايات مثل صاحب ((جمع البركات)) و ((السراج المنير)) و ((مطالب المؤمنين)) من تساهل مصنفيها في تحقيق الروايات، أمر مشهود وجمعهم كل رطب ويابس، معلوم عند الجمهور.

والعجب من صاحب ((خزانة الرواية)) حيث قال فيها في عقد اللآليء، قال عليه السلام: ((صافحوا بعد صلاة الفجر، يكتب الله لكم بها عشراً)) وقال عليه الصلاة والسلام: ((صافحوا بعد العصر، تؤجروا بالرحمة والغفران)) ولم يتفطن أن هذين الحديثين وأمثالهما موضوعان، وضعهما المصافحون، فإنا لله وإنا إليه راجعون)) (١) .

[٣/٤٨] وأخيراً، لابد من التنبيه على أنه لا يجوز للمسلم أن يقطع تسبيح أخيه المسلم، إلا بسبب شرعي، وما نشاهده من تأذي كثير من المسلمين، عند قيامهم بالأذكار المسنونة بعد الصلوات المكتوبات، عندما يفاجأون بأيدٍ تمدّ لمصافحتهم عن اليمين وعن الشمال وبكثرة، مما يصطرهم إلى التضجر والتأذي، لا من أجل المصافحة، بل من أجل قطع تسبيحهم وإشغالهم عن ذكر الله بهذه المصافحة، التي لا سبب لها من لقاء ونحوه، وإذا كان الأمر كذلك، فليس من الحكمة أن تنزع يديك من يدي جارك، وأن ترد اليد التي مدّت إليك، فإن

هذا جفاء، لا يعرفه الإسلام، بل تأخذ بيده برفق ولين، وتبّين له بدعية هذه المصافحة، التي أحدثها الناس، فكم من رجل اتّعظ بالموعظة، وكان أهلاً للنصيحة، وإنما أوقعه الجهل في مخالفة السنة، فعلى أهل العلم وطلاّبه البيان بالحسنى، وربما أراد الرجل أو طالب العلم، إنكار منكر، فلم يحسن اخنيار الأسلوب السليم، فوقع في منكر أشد مما أراد إنكار من قبل، فالرّفق الرّفق، يا دعاة الإسلام، وحببّوا الناس فيكم بحسن أخلاقكم، تملكون قلوبهم، وتجدون منهم الآذان الصاغية، والقلوب الواعية، فإن طباع البشر

تنفر من العنف والشدّة.

القول المبين في أخطاء المصلين ،ص: 294 إلى 297.


Loading...