اعتقاد أن البيان هو كثرة الكلام و تسفيه الحق وأن العي عكس ذلك.

اعتقاد أن البيان هو كثرة الكلام و تسفيه الحق وأن العي عكس ذلك.

اللفظ / العبارة' اعتقاد أن البيان هو كثرة الكلام و تسفيه الحق وأن العي عكس ذلك.
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يصح
القسم المناهي العملية
المحتوى

وأخرج الإمام أحمد (١) والترمذي (٢) من حديث أبي أمامة، عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال «الحَيَاءُ وَالعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ، وَالبَذَاءُ وَالبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ» وحسنه الترمذي، وخرّجه الحاكم (٣) وصححه.

وخرج ابن حبان في "صحيحه" (٤) عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "الْبَيَانُ مِنَ اللَّهِ وَالْعِيُّ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَيْسَ الْبَيَانُ بِكَثْرَةِ الْكَلَامِ وَلَكِنَّ الْبَيَانَ الْفَصْلُ فِي الْحَقِّ، وَلَيْسَ الْعِيُّ قِلَّةَ الْكَلَامِ وَلَكِنْ مَنْ سفه الحق".

وفي مراسيل محمد بن كعب القرظي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث ينقص بهن العبد في الدُّنْيَا ويدرك بهن في الآخرة ما هو أعظم من ذلك: الرحم والحياء وعي اللسان".

قال عون بن عبد الله (٥): ثلاث من الإيمان: الحياء والعفاف والعي، عي اللسان لا عي القلب ولا عي العمل، وهن مما يزدن في الآخرة وينقصن من الدُّنْيَا، وما يزدن في الآخرة أكبر مما ينقصن من الدُّنْيَا. ورُوي هذا مرفوعًا (٦) من


(١) (٥/ ٢٦٩).
(٢) برقم (٢٠٢٧) وقال: هذا حديث حسن غريب وإنَّما نعرفه من حديث أبي غسان محمد بن مطرف.
(٣) (١/ ٥٢) وقال: هذا حديث صحيح عَلَى شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شاهد صحيح عَلَى شرطهما.
(٤) برقم (٥٧٩٦ إحسان).
(٥) أخرجه معمر في جامعه (١١/ ١٤٢ - مع المصنف).
(٦) أخرجه الدارمي (٥٠٩) من طريق عون بن عبد الله قال: قلت لعمر بن العزيز حدثني فلان -رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -- فعرفه عمر، قلت: حدثني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثم إن الحياء والعفاف والعي ... " فذكر الحديث. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (٧/ ١٨٠)، والطبراني في المعجم الكبير (١٩/ ٦٣) وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (٨٧) من طريق إياس بن معاوية بن قرة عن أبيه عن جده مرفوعًا.
قال الهيثمي في المجمع (٨/ ٢٧): رواه الطبراني، وفيه عبد الحميد بن سوار، وهو ضعيف.ص:33.

وجه ضعيف.

وقال بعض السَّلف: إن كان الرجل ليجلس إِلَى القوم فيرون أن به عيًّا وما به عي إنه لفقيه مسلم.

فمن عرف قدر السَّلف عرف أن سكوتهم عما سكتوا عنه من ضروب الكلام وكثرة الجدال والخصام، والزيادة في البيان عَلَى مقدار الحاجة لم يكن عيًّا ولا جهلاً ولا قصورًا، وإنما كان ورعًا وخشية لله واشتغالا عما لا ينفع بما ينفع.

وسواء في ذلك كلامهم في أصول الدين وفروعه، وفي تفسير القرآن والحديث، وفي الزهد والرقائق والحكم والمواعظ، وغير ذلك مما تكلموا فيه.

فمن سلك سبيلهم فقد اهتدى، ومن سلك غير سبيلهم ودخل في كثرة السؤال والبحث والجدال والقيل والقال؛ فإن اعترف لهم بالفضل وعلى نفسه بالنقص كان حاله قريبًا.

وقد قال إياس بن معاوية: ما من أحد لا يعرف عيب نفسه إلا وهو أحمق.

قِيلَ لَهُ: فما عيبك؟ قال: كثرة الكلام.

وإن ادعى لنفسه الفضل ولمن سبقه النقص والجهل، فقد ضل ضلالا مبينًا وخسر خسرانًا عظيمًا.

وفي الجملة ففي هذه الأزمان الفاسدة إما أن يرضى الإنسان لنفسه أن يكون عالماً عند الله أو لا يرضى إلا بأن يكون عند أهل الزمان عالمًا؛ فإن رضي بالأول فليكتف بعلم الله فيه.

ومن كان بينه وبين الله معرفة اكتفى بمعرفة الله إياه، ومن لم يرض إلا بأن يكون عالماً عند الناس دخل في قوله - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ يُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (١).


(١) تقدم من حديث جابر -دون قوله- "فليتبوأ مقعده من النار".

كتاب فضل علم السلف على علم الخلف ،ص:34.

Loading...