التأثر بالإعلام السيء الذي يروج لكل رذيلة ويحارب كل فضيلة

التأثر بالإعلام السيء الذي يروج لكل رذيلة ويحارب كل فضيلة

اللفظ / العبارة' التأثر بالإعلام السيء الذي يروج لكل رذيلة ويحارب كل فضيلة
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
المحتوى

[الأثر الأول: الكبت]

من الآثار النفسية التي تظهر لهذا الإعلام ما يسمونه بالكبت، فالكبت هذا كثيراً ما تكلم عنه علماء الغرب، وهو ظاهرة موجودة في كل شباب الأمة الغربية، وللأسف بدأت تظهر نسبة كبيرة من هذا الكبت في شبابنا، نراها في حياتنا العملية في المستشفيات، في العيادات النفسية، وفي كثير من الأماكن.

فما هو الكبت؟ ببساطة هناك طاقة لدى الإنسان يريد أن يخرجها، ولكنه لا يستطيع أن يخرجها، من فطرة الإنسان ميل الرجل نحو المرأة، الشاب هذا أو الشابة يسمع ويرى أشياء تثير فيه الغريزة، وتحفزه وتدعوه إلى الجريمة، ماذا يستطيع هو أن يفعل؟ قد لا يستطيع أن يتزوج، ويأخذ هذه الأمور بطريق الحلال، وليس أمامه إلا الانحراف، أو أن يكبت هذه النفس كما هو حاصل كثيراً، هذا الأثر ليس باليسير؛ لأن وجود هذا الكبت في هذا الشاب أو في هذه الشابة يعطله.

قد يصبح حياً صحيحاً بين الأحياء، يذهب إلى عمله من الصباح، ويعود بعد الظهر، أو يذهب إلى دراسته، أو يذهب إلى جامعته، لكن تركيزه وتفكيره وأعصابه ونفسيته في مكان آخر، بل هو -كما يقول العامة- صفر على الشمال، لا قيمة له في هذا الواقع! فلا شك في أن لهذا الذي تبثه وسائل الإعلام، أثراً عظيماً في تحطيم كيان هذه الأسرة والمجتمع المسلم.ص:12.

 [الأثر الثاني: الانفصام والتناقض]

وجود نوع من الانفصام والتناقض في حياة الكثير من شباب الأمة، وأخص الأطفال بالذات؛ لأن هذا الشاب أو هذا الطفل يطلب منه أمور مثلاً: يوجهه والده إلى أمر، أو توجهه المدرسة إلى أمر، فيأتي إلى واقع المجتمع، وينظر إلى ما حوله، فيجد خلاف ذلك، قد يستطيع الكبير أن يستوعب هذا التناقض، لكن الصغير لا يستوعب، الصغير بفطرته، يصدق كل ما يسمع، يصدق كل ما يقال، لو أخبرته أن البحر عبارة عن شيء من السماء لصدق؛ لأنه ليس لديه خبرة في هذه الحياة، فإذا قيل له: افعل كذا، ثم وجد خلاف ذلك، كما لو جلس مع والده يشاهد فيلماً -فيما يسمى بالفيديو- فوجد أن شاباً يقبل فتاة في هذا الفيلم، الأب يشاهد هذا ولا ينكره، الطفل ماذا يسمع من والده، هل يسمح له والده بأن يقبل فتاة؟! أو يسمح له المجتمع فعل ذلك؟ لا.

فيقول: إذاً كيف أشاهد هذا؟! وكيف يقر والدي هذا؟! ووالدتي بجانبي، وأسرتي بجانبي، وأنا لا أرى هذا يطبق، ولا أرى هذا شيئاً مسموحاً به، فهنا ينشأ شيء من التناقض، وفي هذه السن بالذات يؤدي هذا إلى شلل ومشاكل لهذا الطفل.

ومن أخطر نقاط التناقض التي تبثها وسائل الإعلام -سواء المقروءة أم المسموعة أم المرئية- التناقض العقائدي، الذي تكلم عنه الشيخ سفر الحوالي -جزاه الله خيراً- ولكن أنا أذكر ذلك من خلال مثال: حيث إن كثيراً من الأطفال ينشأ عنده ما يسمى بحماة الكون، ومن قبل كان هناك الرجل الجبار الذي يسمونه سوبرمان وغيره، وهي شخصيات خيالية، أدخلت إلى عقول الأطفال، والطفل كل همه أن يصبح مثلها.

ولكن أتكلم عن حماة الكون، هؤلاء مجموعة يحمون هذا الكون، أين هذا التصور الذي يُغرس في عقل هذا الطفل من قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} [فاطر:٤١] أين هذا من الذي يسمع ويقال له: إن هناك حماةً للكون: فلان، وفلان، وفلان، ولديهم القدرة، ثم يأتي ويقرأ في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه لا يمكن أن تستقيم أمور هذه السموات والأرض، إلا إذا أمسكتها يد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يمكن أن تستقيم بغير هذا، فهذا التناقض العقائدي من أخطر الأمور التي يواجهها الطفل المسلم.ص:13.

الأثر الثالث: السلبية وعدم الإيجابية]

ومن الآثار النفسية التي ترد على الجيل الناشئ قضية السلبية وعدم الإيجابية، فالذي يتلقى من وسائل الإعلام إنما يسمع فقط ويتلقى لا يناقش، هذا شيء أمامك تقرؤه أو تسمعه أو تراه، وتسلم به، وهو مصدرك في التلقي: فأين العقلية الابتكارية؟ أين حب الابتكار؟ أين حب الاختراع؟ هذا كله لا يمكن أن يناله هذا النشء بهذه الطريقة.

لا يمكن لإنسان يقف هكذا فقط ويتلقى، ويقال له: (افعل كذا، افعل كذا، الأمر هذا صحيح، وهذا خطأ) لا يمكن في يوم من الأيام أن يكون له دور، أو تكون له عقلية متفتحة متنورة، لا يتفق هذا مع هذا.

هذه الأمور الثلاثة هي من أبرز القضايا النفسية التي تؤثر فيها وسائل الإعلام على البيت والمجتمع المسلم.ص:14.

[الأثر الرابع: الآثار العضوية]

أما عن الآثار العضوية: فكثير من البحوث والنشرات تكلمت حول ما يخرج من إشعاعات ملونة من هذا التلفاز، وخصوصاً الملون منها، وأنه يؤثر على شبكية العين، وأن لديه أخطار، هذا من ناحية الرؤية، وأما من ناحية الأمور العضوية الأخرى، فمثلاً منها: الجلوس، وأيضاً طريقة الاستماع، تجد الولد، أو الشاب لا يستطيع أن يجلس أمام التلفاز جلسة سليمة، أو صحية، وإنما يجلس جلسة اعتيادية، فقد يشوه هذا أعضاءً فيه ويؤثر عليه.

من القضايا العضوية التي تؤثر على الشباب: الحد من نشاطهم الطبيعي، فالشاب أو الطفل بطبيعته متحرك لا يمكن أن يبقى الطفل في مكان واحد ولو لدقائق معينة تجده يلعب بهذا ويتحرك هنا، ينقلب على وجهه وعلى ظهره، حتى لو كان عمر الطفل شهراً أو شهرين، فإنه، لا بد أن يتحرك، لكن هذا الطفل وهو يشاهد أفلام الكرتون، ربما لا يتحرك لساعات.

فالحركة هذه التي يتحرك بها الطفل، هي نوع من التجارب، والخبرة، والنمو الطبيعي للطفل؛ فكلما زادت حركة الطفل، وتحرك وأتى وذهب وجاء وتعلم، ولمس هذا وأمسك بهذا، كان نموه طبيعياً أكثر، وكان أقرب إلى أن يكون تفكيره سليماً نتيجةً لتربيته العضوية السليمة، هذه أيضاً مجمل للآثار العضوية التي نراها نتيجة وسيلة الإعلام.



[الأثر الرابع: الآثار العضوية]

أما عن الآثار العضوية: فكثير من البحوث والنشرات تكلمت حول ما يخرج من إشعاعات ملونة من هذا التلفاز، وخصوصاً الملون منها، وأنه يؤثر على شبكية العين، وأن لديه أخطار، هذا من ناحية الرؤية، وأما من ناحية الأمور العضوية الأخرى، فمثلاً منها: الجلوس، وأيضاً طريقة الاستماع، تجد الولد، أو الشاب لا يستطيع أن يجلس أمام التلفاز جلسة سليمة، أو صحية، وإنما يجلس جلسة اعتيادية، فقد يشوه هذا أعضاءً فيه ويؤثر عليه.

من القضايا العضوية التي تؤثر على الشباب: الحد من نشاطهم الطبيعي، فالشاب أو الطفل بطبيعته متحرك لا يمكن أن يبقى الطفل في مكان واحد ولو لدقائق معينة تجده يلعب بهذا ويتحرك هنا، ينقلب على وجهه وعلى ظهره، حتى لو كان عمر الطفل شهراً أو شهرين، فإنه، لا بد أن يتحرك، لكن هذا الطفل وهو يشاهد أفلام الكرتون، ربما لا يتحرك لساعات.

فالحركة هذه التي يتحرك بها الطفل، هي نوع من التجارب، والخبرة، والنمو الطبيعي للطفل؛ فكلما زادت حركة الطفل، وتحرك وأتى وذهب وجاء وتعلم، ولمس هذا وأمسك بهذا، كان نموه طبيعياً أكثر، وكان أقرب إلى أن يكون تفكيره سليماً نتيجةً لتربيته العضوية السليمة، هذه أيضاً مجمل للآثار العضوية التي نراها نتيجة وسيلة الإعلام.ص:15.

[الأثر الخامس: قتل الأوقات]

تبقى هناك قضايا اجتماعية أكبر من هذه بكثير، وهي قتل الوقت كما تكلم عنها الشيخ سفر، فالوقت له ردود فعل على علاقة الأسر فيما بينها، فالأسر إن لم تجد ما يربطها بالبيت، فسيكون لها بدائل لتمضيه وقتها، ستذهب في زيارة الجيران، ستذهب لزيارة الأقارب، فتزيد الصلات بين الناس والمحبة والألفة، لكن وجود ما يربطها بالبيت، من الساعة الرابعة مثلاً، أو أثناء الصباح إلى منتصف الليل، فإنه يحد من نشاط هذه الأسرة، وتجدها باقية في البيت فقط؛ فمثلاً: تجد عمارة كبيرة ضخمة، فيها أربعون أو خمسون شقة، وقلة منهم الذين يعرف بعضهم بعضاً، وقد يكون الباب للباب، ولا يعرف الجار جاره، ولا يفكر الجار أن يخرج ويزور الجار، لكن لو وجد وقت فراغ يخرج فيه، ويستفيد منه لخرج بالفعل، لكن وجود ما يربطه بالبيت، أدى لقطع الصلة بينه وبين الناس.

وهناك دراسة قامت بها مؤسسة، اسمها مؤسسة (باين) في عام (١٩٣٠م)، أي قبل سبع وخمسين سنة، عرضت دور السينما (مائة وخمسة عشر فيلماً) تتحدث عن الجريمة والبوليس، ووجدت الإحصائية أن (٤٠٠) جريمةٍ حدثت ممن شاهدوا هذا الفيلم! -هذه المائة وخمسة عشرة فيلماً أدت إلى أكثر من أربعمائة جريمة- واستحقت هذه الجرائم أن يكون هناك حدود جنائية ضدها، وهناك عدد ليس بالقليل من حالات الشروع في الجناية، ولم يكن هناك إجرام بالفعل، وهذا كان في حوالي ثلاثة وأربعين حالة من تلك الحالات.

وحق لكم أن تستغربوا كيف يعيش هذا المجتمع إلى الآن، ولكنه منهار بإذن الله تعالى، ولا يغركم ما حوله من الهالة المضيئة، فإنه من الداخل منهار، ولا شك أنه سينهار! الدولة الرومانية من قبل أخذت في بنائها ألف سنةٍ، وبلغت من العظمة ما بلغت، وانهارت أخلاقياً، فانهارت في خمسين سنة! في خمسين سنة فقط انهارت تلك الدولة ببساطة، وذلك بانهيار هذه الأمور المهمة فيها، فالأسرة هي القاعدة! أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين.


كتاب دروس الشيخ دروس الشيخ سفر الحوالي ،ج:20،ص:16.


Loading...