عن أبي بَرْزة ـ رضي الله عنه ـ: أن الرسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها (٢) ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لاسمر بع العشاء، إلا لأحد رجلين: مصلّ ومسافر (٣) ، فالسمر بعد صلاة العشاء مكروه، إذا لم يكن في أمر مطلوب.
والحكمة من ذلك:
أولاً: لئلا يكون سبباً في ترك قيام الليل.
قال ابن خزيمة:((ويخطر ببالي أن كراهته - صلى الله عليه وسلم - الاشتغال بالسمر، لأن ذلك يثبط عن قيام الليل، لأنه إذا اشتغل أول الليل بالسمر، ثقل عليه النوم آخر الليل، فلم يستيقظ، وإن استيقظ لم ينشط للقيام)) (٤) .
ثانياً: خشية للاستغراق في الحديث، ثم يستغرق في النوم، فيخرج وقت الصبح (٥) أو تفوته جماعة في المسجد، وفي كلا الأمرين خطر عظيم عليه، لأن ذلك من خصال أهل النّفاق، فالواجب على كل مسلم أن يحافظ على صلاة الصبح ،في الجماعة، وأن يحذر التخلف عنها، والواجب على أئمة المساجد أن ينصحوا المتخلّفين، ويذكروهم ويحذروهم غضب الله وعقابه.
قال فضيلة الشيخ ابن باز:((لا يجوز للمسلم أن يسهر سهراً، يترتّب عليه إضاعته لصلاة الفجر في الجماعة، أو في وقتها، ولو كان ذلك في قراءة القرآن، أو طلب العلم، فكيف إذا كان سهره على التلفاز أو لعب الورق أو ما أشبه ذلك؟ ! وهو بهذا العمل آثم، ومستحق لعقوبة الله سبحانه، كما أنه مستحق للعقوبة من ولاة الأمر بما يردعه وأمثاله)) (١) .
ثالثاً: وقال بعض أهل العلم: إنما نهى عن السمر بعد العشاء الآخرة، لأن مصلّي العشاء الآخرة، قد كفرت عنه ذنوبه لصلاته، فنهي أن يسمر في الحديث مع النّاس، خوفاً أن يكون له في كلامه، ما يدنّس نفسه في بالذّنب بعد طهارة، لينام بطهارته (٢) .
قال سفيان بن عيينة: تكلّمت بشيء بعد العشاء الآخرة، فقلت: ما ينبغي لي أن أنام على هذا، فقمتُ فتوضأتُ، وصلّيتُ ركعتين، واستغفرتُ، وما قلتُ هذا لأزكي نفسي، ولكن ليعمل به بعضكم (٣) .
وقال القاسم بن أبي أيوب: كان سعيد بن جبير يصلّي، بعد العشاء الآخرة، أربع ركعات فأكلّمه وأنا معه في البيت، فما يراجعني الكلام (٤) .
وعن خيثمة قال: كانو يحبون إذا أوتر الرّجلُ أن ينام (٥) .