تخلّف العروس عن صلاة الجمعة والجماعة:

تخلّف العروس عن صلاة الجمعة والجماعة:

اللفظ / العبارة' تخلّف العروس عن صلاة الجمعة والجماعة:
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

ومن الأخطاء الشّائعة عند بعض الناس: قولهم بجواز تخلّف العروس عن صلاة الجمعة والجماعة في المسجد.

ويستدلّ بعضهم على ذلك، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((للبكر سبعٌ، ولثيّب ثلاث)(٤) .

وهذا استدلال فاسد، لأن هذا الحديث لا دليل فيه على جواز التخلف، مع أنه وارد فيمن له زوجة قبل زوجته الجديدة مع ملاحظة أنه لا دليل لهذا أيضاً. أخرج البخاري بسنده إلى أبي قلابة عن أنس قال: ((من السنّة إذا تزوّج الرّجلُ البكرَ على

الثيّب، أقام عندها سبعاً وقسم، وإذا تزوّج الثيّب على البكر أقام عندها ثلاثاً، ثم ... قسم.

قال أبو قلابة: ولو شئتُ، لقلتُ: إنّ أنساً رفعه إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -)) (١) .

سئل محمد العتبي القرطبي ـ رحمه الله ـ عن العروس، يدخل بأهله في ليلة الجمعة، أيختلّف عن الجمعة؟ قال: ((لا، ولا عن الظهر والعصر، ولا يتخلّف عنهما، ويخرج إليهما)) .

ثم قال: ((إذا كان مَنْ يُنظر إليه، يفتي بالجهالة جرت في الناس)(٢) .

وهذا يدلّ على أنّ هذا الخطأ قديمٌ جديدٌ، ولا زال يفتي به بعض المنتسبين للعلم، المتطفلين على موائده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

وقال العتبي أيضاً: ((قال سحنون: وقد قال بعضُ النّاس لا يخرج، لأنّه حقٌّ من النبي - صلى الله عليه وسلم -!!

وقال مالك: ما يعجبني للعروس ترك الصّلاة كلِّها)) (٣) .

وعلّق محمد بن رشد على قول سحنون ومالك ـ رحمهما الله تعالى ـ: ((وظاهر ما حكى سحنون عن بعض النّاس: أنّ لها الحقّ عليه، أن لا يخرج إلى جمعةٍ، ولا إلى غيرها، وهي جهالةٌ ظاهرة، كما قال مالك ـ رحمه الله تعالى، وغلطة غير خافية)) .

ثم قال ـ رحمه الله ـ: ((وقول مالك: ما يعجبني للعروس ترك الصّلاة كلّها، معناه عندي: ما يعجبني أن يخفف للعروس ترك الصّلاة كلّها في الجماعة مع النّاس في المسجد، وإنما الذي يعجبني أن يخفف له ترك بعضها للاشتغال بزوجه، والجري إلى تأنيسها واستمالتها، وهذا عدا الجمعة، التي شهودها عليه فرض، وبالله التّوفيق)(٤) .

وذكر الحافظ ابن حجر بعد شرحه لهذا الحديث، تنبيهاً قال فيه: ((يكره أن يتأخر في السبع أو الثّلاث عن صلاة الجماعة، وسائر أعمال البّر التي كان يفعلها، نصّ عليه الشافعي)) .

ونقل عن ابن دقيق العيد قوله: ((أفرط بعض الفقهاء، فجعل مقامه عندها عذراً في إسقاط الجمعة، وبالغ في التشنيع)(٥) .

قلت: وعبارة ابن دقيق العيد هذا نصُّها: ((وأفرط بعض الفقهاء من المالكية، فجعل مقامه

عندها عذراً في إسقاط الجمعة، إذا جاءت في أثناء المدة، وهذا ساقطٌ منافٍ للقواعد، فإن مثل هذا من الآداب والسنن، لا يترك له الواجب.

ولما شعر بهذا بعض المتأخرين، وأنه لا يصلح أن يكون عذراً توّهم أن قائله، يرى أن الجمعة فرض كفاية (!!) وهو فاسد جداً، لأن قول هذا القائل، متردد محتمل أن يكون جعله عذراً، وأخطأ في ذلك، وتخطئته في هذا أولى من تخطئته فيما دلّت عليه النصوص وعمل الأمة من وجوب الجمعة على الأعيان)) (١) انتهى.

ويتبيّن لنا من كلام ابن دقيق العيد ـ إذا علمنا أن صلاة الجماعة واجبة ـ أن القول بجواز التخلّف عن الجماعة من أجل المكوث عند الزوجة مرجوح وليس براجح (٢) ، فما بالك بالتخلف عن صلاة الجمعة!! ((التي خصّت من بين سائر الصّلوات المفروضات، بخصائص لا توجد في غيرها، من الاجتماع، والعدد المخصوص، واشتراط الإِقامة، والاستيطان، والجهر بالقراءة، وقد جاء من التشديد فيها ما لم يأتِ نظيره إلا في صلاة العصر)(٣) و ((التي هي من آكد فروض الإِسلام، ومن أعظم مجامع المسلمين، وهي أعظم من كل مجمع يجتمعون فيه.وأفرضه سوى مجمع عرفة. ومن تركها تهاوناً بها، طبع اللهُ على قلبه. وقُربُ أهل الجنّة يوم القيامة. وسبقُهم إلى الزّيادة يوم المزيد، بحسب قُربهم من الإِمام يوم الجمعة وتبكيرهم)) (٤) .

فعلى كل مسلم أن يحرص أشد الحرص على الحضور لصلاة الجمعة، ولا يعتذر بالأعذار الواهية، فإنها لا تنجيه عند مَنْ لا تخفى عليه خافية. 

القول المبين في أخطاء المصلين ،ص: 323إلى 326.



Loading...