* ترك الاغتسال والتزيّن والتطيّب والتسوّك لصلاة الجمعة:

* ترك الاغتسال والتزيّن والتطيّب والتسوّك لصلاة الجمعة:

اللفظ / العبارة' * ترك الاغتسال والتزيّن والتطيّب والتسوّك لصلاة الجمعة:
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

ولم يقتصر ترك الغسل على فوات الثّواب المذكور عند بعض المحققين من العلماء، بل تعدّاه إلى الإِثم والحرمة.

فذهب جماعة من العلماء إلى القول بوجوب الغسل للجمعة، وكثير من الأحاديث الثابتة قاضية بهذا الرأي، وإليك طائفة منها:

١. عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا جاء أحدكم الجمعة فَلْيَغْتَسِلْ)(٢) .

ويدل هذا الحديث بمنطوقه على أن الغسل لصلاة الجمعة، وأن مَنْ فعله لغيرها لم يظفر بالمشروعيّة، سواء فعله في أوّل اليوم أم وسطه، أم في آخره.

ويؤيد هذا رواية ابن خزيمة وابن حبان وأبي عوانة مرفوعاً: ((من أتى الجمعة من الرّجال والنساء، فليغتسل)) .

زاد ابن خزيمة: ((ومن لم يأتها، فليس عليه غسل))، عن عمرو بن سُليم الأنصاري قال: أشهد على أبي سعيد قال: أشهد على رسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأنْ يَسْتَنَّ، وأن يَمَسَّ من طيبٍ إن وَجَدَه)) . قال عمرو: أما الغسل فواجب، وأما الاستنان والطِّيب، فالله أعلم، ولكن هكذا حُدّثت (٤) .

وقوله: ((أن يستنّ)) أي يدلك أسنانه بالسّواك. وفي رواية لأبي نعيم في كتاب ((السّواك)) : السّواك واجب، وغسل الجمعة واجب على كلّ مسلم)) (١) .

وقد أكثر النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الأُمة في السّواك، وبالغ فيه، حتى عند وفاته وقبْض نفسه الكريمة - صلى الله عليه وسلم -، وبيّن أنّ السواك من أسباب حصولَ رِضا الرّب ـ سبحانه ـ به. وأكَّد عليه يوم الجمعة، كما تقدّم.

وبهذه المناسبة أُنبِّهُ على فائدةٍ نفسيةٍ نقلها شيخُ الإِسلام ابن تيمية يحتاج لها كثيرٌ من الناس، عند استخدامهم السّواك هذه الأيام.

قال رحمه الله تعالى: ((الأفضل أن يستاك باليسرى، نصَّ عليه الإِمام أحمد في رواية ابن منصور الكوسج، ذكره عنه في ((مسائله)) , وما علمنا أحداً من الأئمّة خالف في ذلك , وذلك لأن الاستياك من باب إماطة الأذى , فهو كالاستنثار والامتخاط, ونحو ذلك مما فيه إزالة الأذى , وذلك باليسرى , كما أن إزالة النجاسات , كالاستجمار ونحوه باليسرى , وإزالة الأذى , ومستحبّها باليسرى)) (٢) انتهى.

وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السّابق: ((وأن يَمَسّ طيباً إن وجده)) .

وفي رواية مسلم: ((ويَمَََس من الطيب ما يقدر عليه)) .

وفي رواية: ((ولو من طيب المرأة)) .

وفي هذه الروايات: التأكيد على استخدام الطيب لصلاة الجمعة , من وجوه:

الأول: الاقتصار على المس , وفيه الأخذ بالتخفيف , وفيه تنبيه على الرّفق.

الثاني: تيسير الأمر في التطيب , بأن يكون بأقل ما يمكن , حتى إنه يجزىء مسه من غير تناول قدر ينقصه , تحريضاً على امتثال الأمر فيه. الثالث: في قوله ((ما يقدر عليه)) إرادة التأكيد، ليفعل ما أكنه، ويحتمل إرادة الكثرة، والأوّل أظهر.

الرابع: ويؤيّد ما ذكرتُه، رواية: ((ولو من طيب المرأة)) لأنه يكره استعماله للرجل، وهو ما ظهر لونه، وخفي ريحه، فإباحته للرجل لأجل عدم وجود غيره، يدل على تأكد الأمر في

ذلك (١) .

وعُلّق غفران ما بين الجمعتين، في حديث سلمان الفارسي السابق على الاغتسال والادّهان

والتطيب وعدم التّفريق بين اثنين من المصلّين.

ويلتحق باستِنان والتطيّب: التزيّن بالباس.

قال ابن رشد: ((وآداب الجمعة ثلاثة: الطيب والسّواك واللباس الحسن، ولا خلاف فيه لورود الآثار بذلك)(٢) .

عن عبد الله بن سلام أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر يوم الجمعة: ((ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة، سوى ثوبي مهنته)(٣) .

ومن الأحاديث التي تدل على وجوب الغسل ليوم الجمعة:

عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجلٌ من المهاجرين الأوّلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فناداه عمر: أيَّةُ ساعةٍ هذه؟ قال: إني شُغلتُ فلم أنقلِبْ إلى أهلي، حتى سمعتُ التّأذينَ، فلم أزِدْ أن توضّأتُ.

فقال: والوضوء أيضاً؟ وقد علمتَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسلِ (٤) .

فإنكار عمر على رأس المنبر في ذلك الجمع الحافل على مثل ذلك الصحابي الجليل، وتقرير جميع الحاضرين من الصحابة وغيرهم، لما وقع من ذلك الإِنكار،لهو من أعظم الأدلة القاضية بأن الوجوب كان معلوماً عند الصحابة، ولو كان الأمر عندهم على عدم الوجوب لما عوّل ذلك الصّحابي في الاعتذار على غيره. فأي تقرير مِنْ عمر ومَنْ حضر، بعد هذا الإنكار (٥) ؟!

القول المبين في أخطاء المصلين ،ص:333إلى 337.


Loading...