وبعض المبكّرين الذين يدنون من الإمام، قد يضيّعون على أنفسهم ثواب الجمعة، بفعلهم بعض الأمور جهلاً، ويظنون أنهم يحسنون صنعاً.
[٤/٥٨] فبعضهم يدور على المصلّين بشرب الماء، والإِمام يخطب.
قال الإِمام مالك: ((لا أحبّ لأحدٍ أن يشرب الماء يوم الجمعة، والإِمام يخطب، ولا يسقي الماء، يدور به على الناس، والإِمام يخطب))(٤).
وعلّق عليه ابن رشد بقوله:((وهذا كما قال، لأنه لما كان حالُ الخطبة حالَ الصّلاة في الإنصات، وجب أن يكون حالها حال الصلاة في الأكل والشرب)) (٥) .
قال ابن هانىء: قلت للإِمام أحمد: فترى أن يشرب ماء، والإِمام يخطب؟
قال: لا يشرب ماءً (٦) .
ومن هذا الباب:
[٥/٥٨] ما شاهدتُه ـ من بعض سنوات ـ في بعض مساجد القرى، من الدّوران على الناس، يوم الجمعة، بصندوقٍ،لجمع التبرعات، والإمام يخطب.
[٦/٥٨] وقد يقبل الرجلان، فيدخلان المسجد، وهما يتحدّثان، الإمام يخطب. فيقعان في المحظور الوارد في حديث أبي هريرة:((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة، أنصت، والإمام يخطب فقد لغوت)) (١) .
والكلام والإمام يخطب لصلاة الجمعة يحبط الأجر، ويفوّت الثواب.
قال النضر بن شميل: معنى لغوت: خبت من الأجر. وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتك ظهراً(٢).
ويشهد للمعنى الأوّل والثاني:
١ـ عن أبي هريرة قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، إذ قال أبو ذر لأُبي بن كعب: متى أنزلت هذه السورة؟ فلم يجبه، فلما قضى صلاته، قال له: ما لك من صلاتك إلا ما لغوت، فأتى أبو ذرّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: صدق أُبيّ ،