في بيان صلاة العيدين وما يتخللها من بدع ومخالفات.

في بيان صلاة العيدين وما يتخللها من بدع ومخالفات.

اللفظ / العبارة' في بيان صلاة العيدين وما يتخللها من بدع ومخالفات.
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي بدعة
القسم المناهي العملية
Content

النّاس في فهم العيد صنفان:

صنف لا يفهمون منه إلا بطالة؟، يأخذ النّاسُ فيها نصيبهم، من اللهو واللعب، والمتعة بطيب الطّعام وحسن الثّياب، وهؤلاء تراهم، يدّخرون للعيد ويعدّون له العدّة، قبل حلوله بأشهر.

وصنف يفهم في العيد ما هو أسمى من ذلك وارفع وأجلّ.

فأما الصّنف الأول: فإذا لم يواتهم الزّمان، في إقامة العيد، على ما اشتهوا وفهموا من

العيد، لم يعدّوا العيدّ عيداً، بل يزدادوا حزناً وحسرةً وألماً.

أما الصّنف الثّاني: فإن العيد عندهم، عيد على كلّ حال، إذ كان معنى العيد عندهم هو: ما لحظة الدّينُ فيه، وهذا موجودٌ في حالتي الشدّة والرّخاء، والسرّاء والضّراء، والمؤمن مغتبط وراض وصابر في الشدّة والبلاء، لأنه يؤمن بأن ما أصابه في حظّه من الدّنيا، ليس بمصيبةٍ على الحقيقة.

وعنده أن المصيبة إنما هي في الدّين، ودين المؤمن سالم ما دام مؤمناً، ولأن المؤمن يعتقد أنّ ما أصابه إنما هو: بقضاء الله وقدره، وإنه لراض بذلك، ومفوّض أمره إلى الله، ومؤمل خيراً في العاقبة، وراج ثواباً على صبره في الآخرة.

[١/٦٤] وليس في الإسلام سوى عيدين، هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وقد ابتلى المسلمون باتّخاذ كثير من أعياد زمانية ومكانية ما أنزل الله بها من سلطان. فأما الزّمانيّة فكثيرة،

منها: يوم المولد النبوي وليلة المعراج وليلة النّصف من شعبان، ومنها: ما يجعل لميلاد صالح أو مَنْ يظنّ صلاحه، ومنها: ما يجعل لولاية بعض الملوك، ويسمى (عيد الجلوس) وهو مأخوذ من (عيد النيروز) عند العجم. ومنها: ما يجعل لثورة المنازعين للملوك وانتصار بعضهم على بعض، وهو مأخوذ من (عيد المهرجان) عند العجم.

ومن الأعياد المبتدعة أيضاً: عيد الجلاء وعيد الاستقلال، إلى غير ذلك من الأعياد المبتدعة (١) لأيّام السّرور والأفراح، مما لم يأذن به الله. وأما المكانيّة: فهي ما أحدثه الهمج الرّعاع من الاجتماعات عند القبور، واعتياد المجيء

إليها، إما مطلقاً، وإما في أوقاتٍ مخصوصة، ولا سيما ما يفعل عند القبر المنسوب إلى البدوي بمصر، وعند القبر المنسوب إلى الحسين بكربلاء، وعند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني ببغداد.

فكل واحد من هذه القبور الثّلاثة قد جعله أشباهُ الأنعام عيداً لهم، يضاهئون به ما شرعه الله للحنفاء من الاجتماع عند الكعبة وفي عرفات ومزدلفة ومنى في أيّام الحج. والقبور التي قد افتتن بها الضّلالُ، واتّخذوها أعياداً، أكثر من أن تحصر، ولا حاجة إلى ذكرها وتعدادها، إذ لا

فائدة في ذلك، وإنما المقصود ههنا التحذير من مشابهة المشركين في أعيادهم الزّمانية والمكانيّة (١) .

وبعد:

[٢/٦٤] فالمنكرات في حياة المسلمين في الأعياد كثيرة، وقسم منها موجود في حياتهم في غير العيد، ولكنها تكثر وتزداد في الأعياد، من مثل: التزين بحلق اللحية، ومصافحة النّساء الأجنبيات (غير المحرّمات حرمة مؤبّدة) ، وتبرج النساء وخروجهن إلى الأسواق وغيرها، والتشبه بالكفار والغربيين في الملابس (٢) واستماع المعازف وغيرها، وتخصيص زيارة القبور يوم العيد، وتوزيع الحلويات والمأكولات فيها، والجلوس على القبور، والاختلاط، والسّفور الماجن، والنّياحة على الأموات، والدّخول على النّساء غير المحارم،

والإسراف والتّبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، وغيرها من المنكرات (٣) .

والذي يهمّنا منها في مبحثنا هذا، ما يتعلّق بالصّلاة، حيث يفعلها أصحابُها بدعوى التقرّب إلى الله!

القول المبين في أخطاء المصلين ، ص: 397 إلى 400.


Loading...