صلاة العيدين محلّها المصلّى لا المسجد، مع جوازها فيه.
ووجه ذلك: أنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم حثّ على حضور الحيَّض صلاة العيد، والمسجد لا يصلح لحضورهن، فلم يَبْقَ إلا أن يكون حضورهن للمصلّى.
وهذا ما وقع التّصريحُ به في غير حديث، مثل:
عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلّى، فأوّل شيء يبدأ به الصّلاة (٢) .
قال ابنُ الحاجّ المالكي: والسنّة الماضية في صلاة العيدين أن تكون في المصلّى، لأنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) (٣) .
ثم هو مع هذه الفضيلة العظيمة، خرج صلى الله عليه وسلم وتركه (٤) .
وقد استمرّ العملُ على هذه السنّة في الصَّدر الأوّل، إلا إذا كانت ضرورة من مطر ونحوه. وهذا مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم.
ففي ((الفتاوى الهنديّة)) (٥) : ((الخروج إلى الجبّاية (٦) في صلاة العيد سنة، وإن كان يسعهم المسجد الجامع، على هذا عامة المشايخ، وهو الصحيح)) .
وفي ((المدونة)) (١) : ((وقال مالك: لا يصلى في العيدين في موضعين، ولا يصلّون في مسجدهم، ولكن يخرجون كما خرج النّبيُّ صلى الله عليه وسلم)) .
وقال ابن قدامة:((السنّة أن يصلي العيد في المصلَّى، أمر بذلك عليّ رضي الله عنه،
واستحسنه الأوزاعي وأصحاب الرأي، وهو قول ابن المنذر)) (٢) .
ثم إن هذه السنّة ـ سنّة الصّلاة في الصّحراء ـ لها حكمة عظيمة بالغة: أن يكون للمسلمين يومان في السنة، يجتمع فيهما أهلُ كلّ بلدة، رجالاً ونساءَّ وصبياناً، يتوجّهون إلى الله بقلوبهم، تجمعهم كلمةّ واحدة، ويصلّون خلف إمامٍ واحدٍ، يكبّرون ويهللون، ويدعون الله مخلصين، كأنهم على قلب رجل واحد، فرحين مستبشرين بنعمة الله عليهم، فيكون العيد عندهم عيداً.
فعسى أن يستجيب المسلمون لا تّباع سنة نبيّهم، ولإحياء شعائر دينهم، الذي هو معتقد عزهم وفلاحهم (تعليق أحمد شاكر على جامع الترمذي): ( 2 / 423).