س - ما معنى قوله تعالى {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} وما المقصود بالبنيان؟
ج- هذه الآية يشير الله تعالى فيها إلى مسجد الضرار الذي بناه المنافقون قريباً من مسجد قباء وذكره الله تعالى في قوله {والذين إتخذوا مسجداً ضراراً وكفراًَ وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حرب الله ورسوله من قبل وليحلفن أن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} .
ويقول الله تعالى لنبيه، - صلى الله عليه وسلم -، {لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين، أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فإنهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين، لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} .
فالمراد بالبينان هذا المسجد الذي بنوه للأغراض السابقة التي ذكرها الله ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاد لمن حارب الله ورسوله من قبل.
وفي قوله تعالى {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم} أي شك وقلق، لأنه بناء معصية فصار له هذا التأثير البالغ في قلوب هؤلاء، " فقلوبهم في قلق وريب وحزن وهم وغم فلا يزال بنيانهم هذا ريبة في قلوبهم، إلا أن تقطع قلوبهم، يعني إلا أن يموتوا وينتهوا بالموت فيزول هذا القلق، ولكن إلى عذاب أشد والعياذ بالله، والله عليم حكيم، أي موصوف بالعلم والحكمة اللذين تضمنهما هذان الاسمان الكريمان، فإن أسماء الله عز وجل تتضمن الدلالة على ذات الله سبحانه وتعالى، وعلى ما تشتمل عليه من الصفات على سبيل ،ص:62.
المطابقة أو التضمن أو الالتزام، فالعليم هو الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، أحاط بكل شيء علماً سابقاً ولا حقاً أزلا وأبداً لم يسبقه جهل ولا يلحقه نسيان، والحكيم أي بالحكمة البالغة وهي وضع الأمور في مواضعها وهو أيضاً من الحكم فإن الله تعالى له الحكم في الدنيا والآخرة، والحكم الكوني والحكم الشرعي، وكلاهما مشتمل على الحكمة في حاله وغايته، والله عليم حكيم.