وقول القائل:" أنا في بركة فلان " و " تحت نظره " إن أراد بذلك أن نظره، وبركته مستقلة بتحصيل المصالح، ودفع المضار: فكذب، وإن أراد أن فلاناً دعا لي فانتفعت بدعائه، أو أنه علَّمني، وأدبني، فأنا في بركة ما انتفعتُ به من تعليمه، وتأديبه: فصحيح، وإن أراد بذلك أنه بعد موته يجلب المنافع، ويدفع المضار، أو مجرد صلاحه، ودينه، وقربه من الله ينفعني من غير أن يطيع الله: فكذب.
" الفتاوى الكبرى "(٥ / ٣٥٨) .
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – عن قول:
" كلك بركة "، أو " هذه من بركاتك "؟ .
فأجاب:
لا بأس بذلك، كما في قول أسيد بن حضير:" ما هي بأَول بركتكم يا آل أَبي بكر "، إذا تلمَّح أَن فيه البركات التي جعل الله فيه، أَو أَن الله الذي جعل فيه البركة، والبركات.
والممنوع:" تباركت علينا يا فلان ".
وسئل – كذلك – عن قول:
" وأعاد علينا من بركته " عبارة شارح " زاد المستقنع ":
فأجاب:
يعني بركة علمه، وليس المراد بركة ذاته؛ فإن الذوات جعل الله فيها ما جعل من البركة، ولكن لا تصلح للتبرك بها، إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من أَبعاضه، كرِيقه، ولا يقاس على النبي صلى الله عليه وسلم غيره، والصحابة ما فعلوا مع أَبي بكر، وعمر من قصد البركة فيهما كما فعلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
" فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم "(١ / ١٠٣) .
وحسن الظن بالمؤلف يقتضي القول أنه أراد أنه استفاد من علوم أولئك الذي وصفهم بما نقلته عنه، والظاهر أنه يدعو الله تعالى أن ينفعه بما تعلمه منهم، وهي البركة التي جاءته منهم.
ثالثاً:
وما فهمه الأخ السائل من كون قصد المؤلف ابن الجوزي أن مقولته تعني " التبرك بقبورهم ": بعيد جدّاً عن الصواب؛ لما قدمناه من التفصيل النافع إن شاء الله، في أن المقصود علم أولئك العلماء، وليس ذواتهم فضلاً أن يكون المراد به قبورهم! ، وهل يتبرك بالقبور عاقل فضلاً عن عالم؟! .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
وأما التبرك بها - يعني: بالقبور -: فإن كان يعتقد أنها تنفع من دون الله عز وجل: فهذا شرك في الربوبية، مخرج عن الملة، وإن كان يعتقد أنها سبب، وليست تنفع من دون الله: فهو ضال غير مصيب، وما اعتقده: فإنه من الشرك الأصغر، فعلى من ابتلي بمثل هذه المسائل أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يقلع عن ذلك قبل أن يفاجئه الموت فينتقل من الدنيا على أسوأ حال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين "(٢ / ٢٣١، ٢٣٢، سؤال رقم ٢٩٠).