س: تقول: ما حكم من ينتسب إلى مذهب يؤمن بأن القرآن مخلوق، وأن الناس لا يرون الله يوم القيامة، مع العلم أن من ينتسبون إلى هذا المذهب أغلبهم لا يقرون بخلق القرآن، ولا يؤمنون به، ويقولون: إنا لا نؤمن بأن القرآن مخلوق، لكننا ننتسب إلى هذا المذهب؛ لأن آباءنا كانوا ينتسبون إليه فقط، وما حكم من يؤمن بخلق القرآن؟ أيعتبر خارجا عن ملة الإسلام؟ وجهونا في هذا، جزاكم الله خيرا (١).
(١) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (٤٤٣).
ج: نعم الذين يقولون: إن القرآن مخلوق، معناه إنكار أنه كلام الله، وهذا كفر أكبر، وهكذا من قال: إن الله لا يرى، فمن أنكر رؤية الله في الآخرة، رؤيته في الجنة فهذا كفر أكبر؛ لأنه كذب الله وكذب رسوله عليه الصلاة والسلام، فكل طائفة أو شخص يقول: إن القرآن مخلوق، معناه أنه ليس كلام الله بل هو كلام مخلوق، والله صرح بأنه كلامه سبحانه وتعالى؛ لقوله جل وعلا:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}(١) وقال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}(٢).
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول للناس: «ألا رجل يؤمنني حتى أبلغ كلام ربي (٣)» يطوف عليهم في مكة قبل الهجرة يطلب منهم أن يؤووه حتى يبلغ كلام الله، المقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كلهم صرحوا بأن القرآن كلام الله، والقرآن دل على أنه كلام الله، فمن زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه ليس كلام الله، فيكون كافرا بذلك، مكذبا لله ولرسوله ولإجماع المسلمين، وهكذا من أنكر صفات الله، وأنكر رؤيته ومن قال: إنه ليس بحكيم ولا حليم، ولا عزيز ولا قدير، فهو كافر كالجهمية، وكذلك من أنكر رؤية الله، وأن المؤمنين لا يرونه في
(١) سورة التوبة الآية ٦ (٢) سورة الفتح الآية ١٥ (٣) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، برقم ١٤٧٧٠.ص:155.
الآخرة ولا في الجنة، هذا كافر كفرا أكبر، أعوذ بالله؛ لأنه كذب الله ورسوله، والله يقول جل وعلا في حق الكفرة:{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}(١) فإذا حجب الكفار، معناه أن المؤمنين يرون ربهم، سبحانه وتعالى، قال تعالى:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}(٢)، ناضرة أي بهية جميلة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}(٣) تنظر إلى الله سبحانه وتعالى، وقال جل وعلا:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}(٤)، جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله (٥)» وجاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر في ليلة البدر لا تضامون في رؤيته (٦)»، وقال في حديث آخر: «كما ترون الشمس في صحراء ليس دونها سحاب (٧)» وكما قال في ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته، يعني رؤية واضحة بارزة ظاهرة، ليست فيها شبهة ولا شك، فالمقصود أن
(١) سورة المطففين الآية ١٥ (٢) سورة القيامة الآية ٢٢ (٣) سورة القيامة الآية ٢٣ (٤) سورة يونس الآية ٢٦ (٥) السنة لعبد الله بن أحمد ج ١ رقم ٤٤٣. (٦) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة) برقم ٧٤٣٤ (٧) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم ١٨٣.،ص:155.ذ
المؤمنين يوم القيامة يرون ربهم رؤية ظاهرة كما ترى الشمس صحوا، ليس دونها سحاب رؤية بارزة، وهكذا في الجنة يرون ربهم جل وعلا، فمن أنكر هذا، وقال: إنه لا يرى فقد كذب الله ورسوله، فيكون كافرا نسأل الله العافية.،ص:156.