س: سؤال يقول سماحة الشيخ: ما حكم الشرع في الأموال التي تنذر للأولياء، وتوضع في صناديق أضرحتهم، وهل لأحد فيها حق لانتسابه إلى هذا الولي؟ (١)
ج: هذه الأموال التي تنذر للموتى، ويتقرب بها إليهم، هذه نذور شركية باطلة، وعلى من فعلها أن يتوب إلى الله، وأن ينيب إليه وأن يستغفره سبحانه، لأن النذر عبادة كالصلاة والذبح، كلها عبادات، فالذي ينذر لأصحاب القبور، أو للأصنام أو للجن كالذي يدعوهم
(١) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم ١١٤.ص:60.
ويستغيث بهم، وكالذي يذبح لهم كله شرك بالله عز وجل، فالواجب الحذر من ذلك، وهذه الأموال التي توضع في الصناديق من النذور، يجب أن يأخذها ولي الأمر وأن تصرف في وجوه البر والخير، كالصدقة على الفقراء أو في مشاريع خيرية، وأن تمنع منعا باتا إذا عثر عليها ولي الأمر المسلم، يزيلها ويمنع الناس من هذا الأمر، ويعلمهم أن هذا لا يجوز، وما كان موجودا فيها يوزع بوجوه الخير كما تقدم، ولا يجوز أن يقر هذا الصندوق، بل يجب أن يمنع وتمنع السدنة الذين يدعون إلى ذلك، ويعاقبوا بما يردعهم وأمثالهم، وينادي في الناس في المساجد والخطب والصحف المحلية أن هذا شرك وأنه لا يجوز حتى يرتدع الناس، وحتى يعلم الناس بذلك، والواجب على العلماء أن يفعلوا ذلك، الواجب على أهل العلم في كل مكان أن يرفعوا هذا اللبس عن الناس بالكلام الطيب في الإذاعة وفي الصحافة وفي التلفاز، حتى يكون الناس على بينة وعلى بصيرة، والله يقول جل وعلا في كتابه العظيم:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(١)، ويقول سبحانه:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}(٢)، ويقول عز وجل:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(٣)؛ فالدعوة إلى الله من أهم الأمور وهي فرض على المسلمين فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقي، فإن
(١) سورة النحل الآية ١٢٥ (٢) سورة يوسف الآية ١٠٨ (٣) سورة فصلت الآية ٣٣.ص:62.
كالنصيحة في المجتمعات والمحافل ونحو هذا، مما يتيسر لطالب العلم إذا اجتمع بإخوانه أو في حفلة وليمة، أو حفلة عرس أو غير هذا من أنواع الاجتماعات، المؤمن يستغل الفرص، العالم يستغل الفرص حتى ينشر العلم، وحتى يوضح للناس ما أوجب الله عليهم، وحتى يشرح للناس ما حرم الله عليهم، وبذلك تبرأ ذمته، وينتشر العلم وتقوم الحجة، ويحصل له من الأجور مثل أجور من هداه الله على يديه، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (١)».
ويقول عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا (٢)». والعكس بالعكس لا حول ولا قوة إلا بالله، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا (٣)». ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعلي رضي الله عنه - أمير المؤمنين - لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود، وقتالهم إن أبوا، قال له عليه الصلاة والسلام: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (٤)». هكذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام لابن عمه
(١) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله برقم ١٨٩٣. (٢) مسلم العلم (٢٦٧٤)، الترمذي العلم (٢٦٧٤)، أبو داود السنة (٤٦٠٩)، أحمد (٢/ ٣٩٧)، الدارمي المقدمة (٥١٣). (٣) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة برقم ٢٦٧٤. (٤) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم ٣٧٠١.ص:62.
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والخليفة الراشد رابع الخلفاء، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنه، يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فوالله " - يحلف وهو الصادق وإن لم يطلب منه الحلف، لكن للتأكيد - لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (١)»، فلا يليق بطالب العلم ولا بالعالم، بل يجب أن يشمر أينما كان، وأن يتقي الله وأن يراقبه، وأن ينشر العلم يريد ما عند الله من المثوبة، يريد أن يهدي الناس وأن يرشدهم، وأن ينقذهم مما هم فيه من الباطل، وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور، تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعملا بأمره، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
(١) البخاري الجهاد والسير (٢٨٤٧)، مسلم فضائل الصحابة (٢٤٠٦)، أبو داود العلم (٣٦٦١)، أحمد (٥/ ٣٣٣).