حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله

حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله

اللفظ / العبارة' حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي شرك أكبر
القسم المناهي العملية
Content

 حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله

س: ما حكم النذر على القبور والدعاء لأصحاب القبور، مثلا يدعو صاحب القبر، يا شيخ فلان ويا شيخ فلان، وما حكم هؤلاء الناس الذين يدعون أصحاب القبور؟ (١)

ج: هذا فيه تفصيل، أما النذر للأموات والاستغاثة بهم ودعاؤهم، فهذا من الشرك الأكبر ومن العبادة لغير الله، فإذا قال: لله علي كذا وكذا من المال للبدوي أو للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو للصديق أو للشيخ عبد القادر،


(١) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم ٩٧.ص:65.

أو عليه ذبيحة أو ذبيحتان للشيخ عبد القادر، أو للسيد الحسين أو للبدوي أو للرسول - صلى الله عليه وسلم -، هذا من الشرك الأكبر، لأن النذر عبادة، لا ينذر إلا لله وحده سبحانه وتعالى، أو قال: يا رسول الله أغثني أو اشف مريضي، أو يا سيد الحسين أو يا علي أو يا فاطمة، أو يا سيدي البدوي أو يا فلان أو يا فلان، كل هذا من الشرك الأكبر، لأنه دعوة لغير الله، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (١)، فقول سبحانه أحدا نكرة في سياق النهي، تعم الأنبياء وتعم الصالحين، وتعم الملائكة وتعم الأصنام عامة، ويقول سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (٢). يعني المشركين وجميع المخلوقات لا ينفعون ولا يضرون إلا بالله، هو الذي ينفع ويضر سبحانه وتعالى، ويقول عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (٣) فسمى من دعا غير الله كافرا، فدل ذلك على أنه من الشرك الأكبر، وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (٤)؛ القطمير: اللفافة التي على النواة، على عجمة التمر: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (٥) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (٦)


(١) سورة الجن الآية ١٨
(٢) سورة يونس الآية ١٠٦
(٣) سورة المؤمنون الآية ١١٧
(٤) سورة فاطر الآية ١٣
(٥) سورة فاطر الآية ١٣
(٦) سورة فاطر الآية ١٤.ص:65.

فسماه شركا، سمى دعاءهم إياهم شركا، ونفى أنهم يسمعون، لأنهم ما بين ميت لا يستطيع السمع، وما بين ملك مشغول بما هو فيه، أو جني مشغول أو لا يعرف شيئا من ذلك، ولا يدري عن شيء من ذلك، أو ميت أو صنم أو شجرة، كلها لا تجيب داعيها، كل هؤلاء لا يجيبون داعيهم، لا يسمعون ولا يستجيبون، وهم مع هذا لو قدر أنهم سمعوا، كالملك أو غيره، لا يستطيعون أن يجيبوا، لأن أمرهم بيد الله سبحانه وتعالى، هو مالكهم ومالك غيرهم سبحانه وتعالى، فإذا كانوا أمواتا فلن يستطيعوا، وإذا كانوا جمادا لا يستطيعون وإذا كانوا ملائكة أو جنا فهم لم يشرع لنا أن ندعوهم من دون الله، وهم لا يتصرفون إذا كانوا ملائكة إلا بإذن الله، والله لا يأذن لهم أن يعبدوا من دون الله، ولا يرضوا بذلك وهكذا الجن المؤمنون، لا يرضون بذلك، والكافرون لا يجوز أن يعبدوا، فلا يعبد هؤلاء ولا هؤلاء، فالمؤمنون من الجن والإنس، لا يرضون بذلك ولو رضوا لكفروا بذلك، والجن لا يرضون بذلك، إذا كانوا مؤمنين، وأما كفار الإنس وكفار الجن، فليسوا أهلا لأن يعبدوا من دون الله، ولو عبدوا من دون الله، لكان عابدهم كافرا من باب أولى، ولهذا قال سبحانه: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (١). هؤلاء المعبودون كلهم يكفرون بشرك العابدين، من جن وإنس وملائكة، كلهم يكفرون بعبادة عابديهم، فعلم بذلك أن عبادة غير الله


(١) سورة فاطر الآية ١٤.

من جن أو إنس، أو ملائكة أو صنم أو شجر أو غير ذلك، كله كفر بالله، كله شرك بالله عز وجل، ولهذا يقول سبحانه: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (١) {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (٢). قال سبحانه: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (٣). نسأل الله العافية، فالخلاصة أنه لا يجوز دعاء غير الله، ولا النذر لغير الله، ولا الاستغاثة بغير الله، ولا سؤالهم شفاءهم المرضى، ولا رد الغياب ولا الرزق ولا غير هذا، مما يحتاجه الناس سوءا كانوا أنبياء أو ملائكة، أو شجرا أو صنما أو جنا أو غير ذلك، يجب أن تكون العبادة لله وحده سبحانه وتعالى، أما كونه يدعو للميت، ويستغفر له فلا بأس، إذا كان الميت مسلما قال: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر للحسين، اللهم ارض عن الحسين، اللهم اغفر لأبي بكر، اللهم ارض عن أبي بكر أو دعا لغيرهم، من الصالحين من المسلمين هذا مأجور عليه، دعاء المسلم لأخيه فيه أجر عظيم، وخير كثير قال الله تعالى عن الصالحين إنهم قالوا: {اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (٤)؛ فالدعاء للميت المسلم والاستغفار له، هذا طيب لكن المنكر أن يدعوه من دون الله، أن يستغيث به أن ينذر له أن


(١) سورة سبأ الآية ٤٠
(٢) سورة سبأ الآية ٤١
(٣) سورة الأحقاف الآية ٦
(٤) سورة الحشر الآية ١٠.

يسأله الشفاعة ويسأله شفاء المريض، هذا هو المنكر هذا هو الشرك، أما إذا دعا له قال: اللهم اغفر له، الله ارحمه، اللهم ارفع درجته في الجنة، اللهم اغفر سيئاته، هذا لا بأس به وهذا طيب مأمور به.

كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز ،ج:2،ص:67.

 

Loading...