س: يقول السائل: لدينا أناس يعظمون القبور، ويرجون من أهلها النفع والضر، هل يكون هؤلاء كفارا مع أنهم يصلون ويقومون بباقي العبادات، وجهونا في ضوء هذا السؤال سماحة الشيخ؟ (١)
ج: التعلق بالقبور ورجاء نفعها، ودفع الضر منها بدعائها أو التمسح بها أو الاستغاثة بها أو الطواف بها كلها كفر أكبر، هذا شرك المشركين هذا ضلال الأولين، لا يجوز التعلق بالقبور لا بقبور الصالحين ولا بقبور الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يتعلق بها ويطوف بها يرجو نفعها، أو يستغيث بأهلها أو ينذر لهم أو يتمسح بقبورهم يرجو منهم النفع أو يستعين بهم أو يذبح لهم أو يسجد لهم كل هذا من الكفر بإجماع أهل السنة والجماعة، بإجماع أهل العلم، هذا شرك المشركين الأولين، الله يقول جل وعلا:{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}(٢)، سماهم كفارا، قال جل وعلا:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}(٣)، وقال سبحانه:{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}(٤) سماه شركا وهو دعاؤهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(١) السؤال السادس والعشرون من الشريط، رقم ٣٧٥. (٢) سورة المؤمنون الآية ١١٧ (٣) سورة الجن الآية ١٨ (٤) سورة فاطر الآية ١٤.
«الدعاء هو العبادة (١)»، فالذي يدعوهم قد عبدهم، فإذا قال يا سيدي انصرني واشف مريضي أو اشفع لي أو أنا في جوارك أو أنا في حسبك أو أنا متوكل عليك أنا أرجوك أنا أخافك، هذا كله شرك أكبر، هذا ما يفعل إلا لله جل وعلا يخاطب الله سبحانه: يا رب انصرني اشف مريضي، أنا أخافك وأرجوك هذا مع الله سبحانه وتعالى، أما مع المخلوق فهذا شرك أكبر أو مع النجوم أو مع الجن أو مع الأصنام كل هذا كفر أكبر، هذا شرك المشركين وهكذا ما يفعله عباد الحسين أو عباد الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، أو عباد العيدروس أو السيدة زينب أو غير ذلك، كل هذا كفر أكبر إذا دعا العيدروس أو دعا الحسين أو الحسن أو استغاث بعلي رضي الله عنه أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استعان بهم أو قال: يا رسول الله انصرني أو اشفع لي أو اشف مريضي أو ثبتني على الدين، كل هذا كفر أكبر.
الشفاعة تطلب منه بوم القيامة بعد البعث والنشور وفي حياته قبل الموت، يقال: اشفع لي يا رسول الله لا بأس، أما بعد الموت فلا يطلب منه لا شفاعة ولا غيرها ولكن إذا كان حيا يقول: يا رسول الله اشفع لي، استغث لنا لا بأس؛ لأنه قادر. ويوم القيامة كذلك عندما يبعث الله الناس، وعند شدة الهول يذهبون إلى آدم يقولون: اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من
(١) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم ١٧٨٨٨.ص:281.
كرب الموقف يقضي بيننا، فيعتذر آدم ويحيلهم إلى نوح، ويعتذر نوح ويحيلهم إلى إبراهيم، ويعتذر إبراهيم ويحيلهم إلى موسى، ويعتذر موسى ويحيلهم إلى عيسى ويعتذر عيسى ويقول: اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال صلى الله عليه وسلم: «فيأتونني؛ يأتيه الناس، فأقول: أنا لها أنا لها، ثم يذهب عليه الصلاة والسلام فيسجد بين يدي ربه، تحت العرش، ويحمد الله بمحامد يفتحها الله عليه ويثني عليه كثيرا حتى يقال له: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط واشفع تشفع (١)»، لا يشفع إلا بعد الإذن؛ لأن الله تعالى يقول:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}(٢)؛ فإذا أذن له شفع في الناس فيقضي بينهم، ويشفع في أهل الجنة فيدخلون الجنة ويشفع في أناس من العصاة دخلوا النار أن يخرجوا منها شفاعات كثيرة عليه الصلاة والسلام، وكذلك يشفع المؤمنون في العصاة، وتشفع الملائكة، ويشفع الأفراط، كل هذا جاءت به النصوص عنه صلى الله عليه وسلم.