حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب.

حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب.

اللفظ / العبارة' حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب.
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي شرك أكبر
القسم المناهي العملية
Content

 حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب

س: الأخ: ط إ. إ. يسأل ويقول: أرجو منكم التعليق على ما يقع فيه الكثير من الناس من عابدي القبور والأضرحة من صرف العمل لها وسؤال أصحابها شفاء المرضى وتفريج الكرب، فهل من مات وحالته هذه يكون خالدا في جهنم؟ وهل يعذر جاهل بهذه القضية؟ (١)

ج: هذا سؤال عظيم، وجدير بالعناية؛ لأنه واقع في كثير من البلدان الإسلامية، وهو سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات وطلبهم شفاء المرضى، أو النصر على الأعداء، وهذا من الشرك الأكبر، وهذا دين الجاهلية، دين أبي جهل وأشباهه من عباد القبور وعباد الأصنام، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٢)؛ كما حكى الله عنهم سبحانه وتعالى، قال الله جل وعلا: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (٣)؛ وقال سبحانه في سورة الزمر: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (٤)، فالحاصل أن هذا العمل من الشرك الأكبر، وصاحبه إذا مات عليه يكون من أهل النار مخلدا


(١) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم ٢٤٣.
(٢) سورة الزمر الآية ٣
(٣) سورة يونس الآية ١٨
(٤) سورة الزمر الآية ٣.ص:287.

فيها، نسأل الله العافية، إلا إذا كان لم تبلغه الدعوة، كان من أهل الفترات الذين ما بلغتهم الدعوة، وما بلغهم القرآن، ولا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا حكمه إلى الله جل وعلا يوم القيامة، يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب جوابا صحيحا دخل الجنة، ومن أجاب جوابا غير صحيح دخل النار. فالمقصود أنه يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب بما طلب منه دخل الجنة، ومن عصى دخل النار. أما من كان في الدنيا وقد بلغه القرآن وبلغته السنة ويعيش بين المسلمين فهذا لا يعذر بدعواه الجهل، هو قد أسرف على نفسه وتساهل، ولم يسأل أهل العلم ولم يتبصر في دينه فهو مؤاخذ بأعماله السيئة الشركية، نسأل الله السلامة.

العقائد التي هي أصل الإسلام ليس فيها عذر بالجهل؛ الله جل وعلا قال عن الكفار: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} (١) ما عذرهم بحسبانهم أنهم مهتدون ما عذرهم بجهلهم وقال في النصارى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (٢) {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (٣)، فالحاصل أنهم بهذا كفروا، قال بعد هذا سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (٤) {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (٥)


(١) سورة الأعراف الآية ٣٠
(٢) سورة الكهف الآية ١٠٣
(٣) سورة الكهف الآية ١٠٤
(٤) سورة الكهف الآية ١٠٥
(٥) سورة الكهف الآية ١٠٦.ص:288.

ما عذرهم بالجهل لتساهلهم وعدم عنايتهم بطلب الحق، قال سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (١)، وقال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (٢)». رواه مسلم في صحيحه، ولم يقل: " وفهم عني " أو " تبصر " أو " علم " بل علق بالسماع.


(١) سورة الأنعام الآية ١٩
(٢) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم برقم ١٥٣.

كتاب فتاوى نور على الدرب ،ج:2،ص:289.

Loading...