حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير

حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير

اللفظ / العبارة' حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي شرك أكبر
القسم المناهي العملية
Content

 حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير

س: يقول السائل: رأيت بعض الناس يزورون القبب التي فيها مقابر الأولياء ويطلبون منهم الرحمة والخير والعافية، ما حكم الإسلام في هؤلاء؟ (١)

ج: إن الله جل وعلا شرع لعباده ما فيه صلاحهم وما فيه نجاتهم في الدنيا والآخرة، ونهاهم عن كل ما يضرهم في الدنيا والآخرة وبعث الرسل مبشرين ومنذرين عليهم الصلاة والسلام مبشرين من أطاعهم واستقام على ما دعوا إليه بالجنة والسعادة والنصر في الدنيا والنجاة في


(١) السؤال الأول من الشريط، رقم ٢٣٤.ص:290.

 الآخرة، ومنذرين من عصاهم بالذل في الدنيا والشقاء في الآخرة وأعظم ما بعث الله به الرسل وأهمه وأفرضه توحيد الله والإخلاص في العبادة له صرف العبادة له وحده جل وعلا، هذا أهم دعوة الرسل، هذا زبدتها إخلاص العبادة لله وحده كما قال جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (١)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (٢) فهذه أعظم دعوة الرسل وأهمها، وهذا أساسها توحيد الله والإخلاص له وألا يعبد معه سواه لا نبي ولا ملك ولا شجر ولا حجر ولا صنم ولا غير ذلك، واتخاذ القباب على القبور والمساجد على القبور من وسائل الشرك، لأن هذا من تعظيم القبور، فإذا بني عليها القباب وبني عليها المساجد قصدها العامة ودعوها من دون الله، واستغاثوا بها ونذروا لها وهذا هو الشرك الأكبر، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم هذا هو الشرك الأكبر هذا ضد دعوة الرسل، ضد التوحيد الذي بعث الله به الرسل فلما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم قال لقومه: «يا قومي قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (٣)» نهاهم أن يعبدوا مع الله سواه نهاهم أن يعبدوا مع الله العزى أو مناة أو


(١) سورة الأنبياء الآية ٢٥
(٢) سورة النحل الآية ٣٦
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم ١٥٥٩٣.

اللات أو غير ذلك وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (١)، {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (٢) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (٣) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (٤)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (٥).

فالواجب إخلاص العبادة لله وحده ولا يجوز اتخاذ القباب على القبور ولا المساجد عليها بل يدفن الميت ويرفع قبره قدر شبر عن الأرض حتى يعرف أنه قبر ميت حتى لا يمتهن، ولا يجوز أن يدعى من دون الله ولا أن يبنى عليه قبة ولا مسجد ولكن يترك ضاحيا بارزا كما كانت قبور الصحابة في المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ولا يجوز أن يدعى الميت مع الله ولا يستغاث به، ولا يقال يا سيدي يا فلان أغثني أو انصرني أو أنا في حسبك وجوارك أو يطلب منه الرحمة أو المغفرة أو شيئا من أمور الخير كالرزق أو الزواج أو النجاة من النار أو دخول الجنة أو ما أشبه ذلك كل هذا كفر بالله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٦) معنى يعبدون أي: يوحدوني بالعبادة يقصدونه بالعبادة وحده سبحانه وتعالى، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (٧) أي: أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه:


(١) سورة الإسراء الآية ٢٣
(٢) سورة الزمر الآية ٢
(٣) سورة الزمر الآية ٣
(٤) سورة البينة الآية ٥
(٥) سورة الفاتحة الآية ٥
(٦) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٧) سورة الإسراء الآية ٢٣.ص:291.

{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (١)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (٢) يعني المشركين، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (٣) سماهم كفارا، وقال عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (٤) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (٥)، فأمر الله سبحانه بعبادته وحده جل وعلا وإخلاص العبادة له وحده سبحانه وتعالى، وأخبر أن المشركين اتخذوا من دونه أولياء يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هم يعبدون اللات والعزى والأصنام ويدعونها ويستغيثون بها ويقولون: ما نقصد إلا أنهم يقربونا إلى الله زلفى، يشفعون لنا عند الله كما في آية يونس، ويقول سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (٦) فكذبهم الله سبحانه، بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (٧) وفي آية الزمر يقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} (٨) أي:


(١) سورة النساء الآية ٣٦
(٢) سورة يونس الآية ١٠٦
(٣) سورة المؤمنون الآية ١١٧
(٤) سورة الزمر الآية ٢
(٥) سورة الزمر الآية ٣
(٦) سورة يونس الآية ١٨
(٧) سورة يونس الآية ١٨
(٨) سورة الزمر الآية ٣.ص:293.

يقولون: ما نعبدهم {إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (١) فكذبهم الله سبحانه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (٢)، فبين أنهم لا يقربون إلى الله، بل هم كفار بهذا كاذبون، القرب من الله بدعوته سبحانه وعبادته وحده وسؤاله، هذا هو الذي يقربهم إلى الله، وينجيهم بفضله سبحانه، يا رب أغثني يا رب يسر لي الزواج بالمرأة الصالحة يا رب اقض ديني، يا رب أدخلني الجنة يا رب اغفر لي يا رب ارحمني هذا هو الذي شرعه الله، وهذا هو العبادة لله والتوحيد، أما تقول: يا سيدي البدوي ارحمني أو أنا في جوارك أو أغثني هذا هو الشرك الأكبر أو يا سيدي الحسين أو يا سيدي علي بن أبي طالب أو يا سيدي الحسن أو يا فاطمة أو ما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عبادة غير الله التي أنكرها الرسل وأنكرها نبينا محمد عليه السلام.

كتاب فتاوى نور على الدرب ،ج:2،ص:293.





Loading...