س: سائل من المغرب يقول: ما حكم الأضرحة في الإسلام، وهل تجب الزيارة لغير الأماكن المقدسة كزيارة ضريح مثلا، ما حكم الشرع في ذلك؟ (١)
ج: الأضرحة فيها تفصيل، الأضرحة هي القبور، والسنة أن ترفع عن الأرض قدر شبر، حتى يعلم أنها قبور، حتى لا تمتهن، لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه رأى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قد رفع قدر شبر وأوصى أن يفعل بقبره مثل ذلك من حديث عثمان بن أبي سالم، أما ما يتعلق بالبناء عليه واتخاذ المساجد عليها والقباب فهذا لا يجوز، هذا منكر عند أهل العلم وبدعة ومن وسائل الشرك.
ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (٢)».
(١) السؤال السادس من الشريط، رقم ٣٠٦. (٢) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم ١٣٩٠.
وفي صحيح مسلم جاء في حديث عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: «نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (١)»، فلا يجوز البناء على القبور لا مسجد ولا قبة، ولا يجصص أيضا؛ لأن هذا من وسائل الشرك، ومن وسائل أنه يعظم ويدعى من دون الله ويستغاث به من دون الله فيقع الشرك، فالبناء على القبور واتخاذ القبب على القبور وبناء المساجد عليها من الوسائل المحرمة من وسائل الشرك، ولهذا حذر النبي عليه الصلاة والسلام ولعن أهلها، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وألا يبنى على القبر، لا مسجد ولا غيره ولا قبة، ولا يجصص ولا يتخذ عليه حجب ولا ستور، كل هذا لا يجوز، بل هو من وسائل الشرك؛ لأن اتخاذ البناء والستور أو السرج، أو المساجد أو القبة على القبور كل هذا من وسائل التعظيم والشرك، وإذا دعا الميت بقوله: أنجدني، أو يا فلان أغثني، أو انصرني أو اشف لي مريضا أو أنا في حفظك وجوارك، كل هذا من الشرك الأكبر.
فالواجب الحذر من ذلك، وكذلك الطواف بالقبور، يطوف عليها، يرجو بركة أهلها ونفعهم، وفضل أهلها كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان الجاهل يظن أن الطواف سنة، ويتقرب بها إلى الله، فهذا بدعة ومنكر، ويكون من وسائل الشرك، أما إذا طاف
(١) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم ٩٧٠.
يتقرب إلى القبر فهذا من الشرك الأكبر، مثل إذا دعاه أو استغاث به، أو نذر أو ذبح له، كل هذا من الشرك الأكبر. فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك، وإنما الزيارة الشرعية، أن للتسليم عليهم، والدعاء لهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (١)» فيأتيها فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله منا المستقدمين والمستأخرين (٢)»، هكذا علم النبي الصحابة، إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله منا المستقدمين والمستأخرين (٣)»، هذه هي الدعوة الشرعية ثم ينصرف، لا يصلي عند قبر ولا يقرأ عنده، ولا يطوف به ولا يسأل قضاء حاجة، كل هذا لا يجوز.
(١) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم ١٥٦٩. (٢) مسلم الطهارة (٢٤٩)، النسائي الطهارة (١٥٠)، أبو داود الجنائز (٣٢٣٧)، ابن ماجه الزهد (٤٣٠٦)، أحمد (٢/ ٣٠٠)، مالك الطهارة (٦٠). (٣) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم ٩٧٥.