حكم الإسراع في القراءة في الصلاة

حكم الإسراع في القراءة في الصلاة

اللفظ / العبارة' حكم الإسراع في القراءة في الصلاة
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

 حكم الإسراع في القراءة في الصلاة

س: إنني سريع الصلاة، حيث إنني أقرأ الفاتحة وما تيسر معها من قصار السور بصور سريعة وحركات الصلاة سريعة، هل هذا جائز أم لا؟ وفقكم الله (١)

ج: السنة للقارئ أن يرتل قراءته، وألا يعجل فيها؛ حتى يتدبر، حتى يتعقل سواء كانت الفاتحة أو غير الفاتحة، السنة له التدبر والتعقل


(١) السؤال التاسع من الشريط رقم (٣٦).ص:257.

والترتيل وعدم العجلة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (١)، قال عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (٢) والسرعة التي يخل بسببها في الحروف أو بعض الآيات لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد، وألا يعجل حتى يقرأ قراءة سليمة واضحة يتدبرها ويتعقلها، فإذا كان يسقط بعض الحروف ويضيع بعض الحروف هذه قراءة لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد ويتأنى، ويرتل حتى يؤدي الحروف والكلمات كاملة، وهكذا في الصلاة لا يعجل في الركوع، ولا في السجود، ولا في الجلسة بين السجدتين، ولا في وقوفه بعد الركوع، بل يتأنى ويطمئن، هذا هو الواجب عليه، الطمأنينة فرض لا بد منها، والنقر في الصلاة والعجلة فيها تبطلها، فنوصى السائل أن يطمئن في ركوعه ولا يعجل، يقول: سبحان ربي العظيم. يكررها ثلاثا أو أكثر، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وإذا رفع من الركوع يطمئن وهو واقف يقول: ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من


(١) سورة المزمل الآية ٤
(٢) سورة ص الآية ٢٩.ص:258.

شيء بعد.

هذا هو الأفضل له، أما الطمأنينة لا بد منها، لا بد أن يركد وهو قائم، لا بد من الركود والاعتدال وعدم العجلة، ويقول: ربنا ولك الحمد. هذا أمر واجب على الصحيح، وإذا كمل فقال: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. هذا أكمل وأفضل، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم الزيادة في هذا: «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (١)» وهذا من الكمال، وهكذا في السجود لا يعجل، إذا سجد يسجد على الأعضاء السبعة: جبهته، وأنفه, وكفيه, وركبتيه, وأطراف قدميه. ويطمئن ولا يعجل، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو بما تيسر ولا يعجل، كان النبي يدعو في سجوده، ويقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (٢)» فهذا دعاء مشروع، وقال


(١) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (٤٧٧)
(٢) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (٤٨٣).ص:259.

 عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (١)» وقال: «أما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (٢)»

فينبغي للمؤمن في سجوده ألا يعجل، بل يجب عليه الطمأنينة والركود، وهذا ركن من أركان الصلاة لا بد منه، ومع هذا يشرع له أن يزيد في الطمأنينة، وألا يعجل، وأن يدعو في سجوده ويكرر: سبحان ربي الأعلى. والواجب مرة، لكن إذا كرر ذلك ثلاثا أو خمسا كان أفضل أو سبعا، والحاصل في هذا كله أن الواجب الطمأنينة وعدم العجلة، وبين السجدتين يطمئن أيضا ولا يعجل، ويعتدل بين السجدتين حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، ويقول: «رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي (٣)» «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (٤)»

كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلم يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم، ويعمل كعمله عليه السلام


(١) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (٤٨٣)
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (٤٧٩)
(٣) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، ومن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (٢٢٨٦٦)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم، (٨٧٤)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك برقم (١٠٦٩)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (٨٩٧)
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (٨٥٠)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (٢٨٤)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (٨٩٨).ص:260.

ولا يعجل في هذه الأمور؛ فإن الصلاة هي عمود الإسلام، الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام والطمأنينة فيها والركود أمر مفترض وركن من أركانها، فنوصي السائل أن يعتني بهذا الأمر، وأن يخاف الله ويراقبه، وأن يكمل صلاته بالطمأنينة وعدم العجلة، وهكذا قراءته يطمئن فيها ولا يعجل، ويركد ويرتل حتى يقرأ قراءة واضحة يعقلها ويتدبرها، ويستفيد منها.

كتاب فتاوى نور على الدرب ،ج:8،ص:261.




Loading...