أخرجه التِّرمذيُّ (٢٤٠٤)، وابنُ المبارَك (٥٠)، وهنَّادُ بنُ السَّريِّ (٨٦٠) كلاهما في "الزُّهد"، وابنُ عبد البرِّ في "الجامع"(١/ ١٨٩)، والخطيبُ في "الفقيه والمتفقِّه"(٢/ ١٦٢)، والبغَويُّ في "شرح السُّنَّة"(١٤/ ٣٩٤) من طريق يحيى بن عُبيد الله، عن أبيه، عن أبي هُريرة، مرفوعًا به.
وهذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ ويحيى بن عُبيد الله: قال أحمد: "أحاديثه مناكيرُ"، وضعَّفه ابنُ مَعِين، وابنُ عديٍّ،. وتركه يحيى القَطَّانُ آخرَ أمرِهِ. وأبوه عُبيد الله بن عبد الله بن مَوهَبٍ: قال أحمد، والجُوزجانيُّ، والشَّافعيُّ:"لا يُعرَف"، وقال ابنُ القطَّان الفاسيُّ:"مجهول الحال"، أمَّا ابنُ حِبَّانَ، فوثَّقه (٥/ ٧٢)!
وله شاهدٌ من حديث ابن عُمَر - رضي الله عنه -.ص:26.
أخرجه التِّرمذيُّ (٢٤٠٥) من طريق حمزة بن أبِي مُحَمَّدٍ، عن عبد الله بن دينارٍ، عن ابن عُمَر، مرفوعًا:"إنَّ الله تعالى قال: لقد خلَقتُ خلقًا، ألسنتُهُم أحلَى من العسل، وقلوبُهُم أَمَرُّ من الصبر، فبِي حَلَفتُ! لأُتِيحَنَّهُم فتنةً تدع الحليمَ منهُم حَيرانَ، فَبِي يغترُّونَ؟! أم عليَّ يَجتَرِؤُون؟! ".
قال التِّرمذيُّ:"هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ من حديث ابن عُمَر، لا نَعرِفه إلَّا مِن هذا الوجه".
• قلتُ: كذَا! وحمزة بن أبي مُحَمَّدٍ: ليَّنَه أبو زُرعةَ، وقال أبو حاتمٍ:"ضعيف الحديث. مُنكَر الحديث. لم يَروِ عنه غيرُ حاتم بن إسماعيل"، وهذا معناه أنَّه مجهول العين. فإذا كان مع جهالته مُنكَر الحديث، فهو ساقطٌ عن حدِّ الاعتبار به، فالسَّند واهٍ.
وله شاهدٌ من حديثِ أبِي الدَّرداءِ مرفُوعًا:"أنزل الله عز وجل في بعض كتبِه، أو أَوحَى إلى بعض أنبيائِهِ: قُل للَّذين يتفقَّهُون لغيرِ الدِّين، ويتعلَّمُون لغيرِ العمل، ويطلبون الدُّنيا بعملِ الآخرةِ، يَلبسُون للنَّاس مُسُوكَ الكِباش، قلوبُهُم كقلوب الذِّئاب، ألسنتُهُم أحلَى من العسل، وقلوبُهُم أَمَرُّ من الصبر: إيَّاي يَخدعُون؟! أَوْ بي يستهزِئُون؟! فبِي حَلفتُ! … الحديثُ".
أخرجه ابنُ عبد البرِّ في "الجامع"(١/ ١٨٩)، والخطيب في "الفقيه والمتفقِّه"(٢/ ١٦٢)، وابنُ عساكر في "المجلس الرَّابع عشر من الأمالي"(ق ٢/ ١) من طريق المغيرة بن عبد الرَّحمن، عن عُثمان بن عبد الرَّحمن، عن الزُّهريِّ، عن عائذ الله بن عبد الله، عن أبي الدَّرداء مرفوعًا.ص:27.
قال ابنُ عساكر:"تفرَّد به المغيرةُ بن عبد الرَّحمن المخزوميُّ، عن عثمانَ الوَقَّاصِيِّ، عن الزُّهريِّ".
وهذا سندٌ تالفٌ البتةَ؛ والمغيرةُ مجهولٌ، وعُثمانُ الوَقَّاصِيُّ: كذَّبه ابنُ مَعِينٍ، وأبو حاتمٍ، وقال:"ذاهب الحديث. متروك الحديث"، وقال النَّسائِيُّ وابنُ البَرقِيِّ:"ليس بثقةٍ"، وكذلك تركه النَّسائِيُّ في روايةٍ، والدَّارَقُطنِيُّ. والكلامُ فيه طويلُ الذَّيل، فالحمل عليه.
وأخرجه الدَّارميُّ (١/ ٧٦ - ٧٧) قال: حدَّثَنا أبو النُّعمان - هو: عارمٍ -، ثنا حمَّاد بن زيدٍ، عن يزيدَ بن حازمٍ، حدَّثني عمي جَرِيرُ بن زيدٍ، أنَّه سمع تبيعًا يُحدِّثُ، عن كعب الأحبارِ، قال:"إنِّي لأَجدُ نَعتَ قومٍ يتعلَّمُون لغير العَمَل، ويتفقَّهُون لغير العبادة، ويطلُبون الدُّنيا بعمَل الآخِرة، وَيلبَسُون جُلود الضَّأن، وقُلوبُهُم أَمَرُّ من الصَّبر. فَبِي يغتَرُّون؟! أو إيَّاي يُخادِعُون؟! فَحَلفتُ بي! لأُتيحَنَّ لهم فتنةً تترُكُ الحليمَ فيها حيرانَ". وقد خُولف الدَّارميُّ فيه ..
خالفه عليُّ بنُ عبد العزيز: فرواهُ عن عارمٍ، حدَّثنا حمَّادُ بنُ زيدٍ، أنَّهُ بَلَغَهُ عن كعبٍ، قالَ: … فذكرَهُ.
أخرجه ابن عبد البرِّ (١/ ١٨٩).
ولعلَّ هذا من عارمٍ؛ فقد ساء حِفظُه بأَخَرَةٍ.
وقد خُولف عارمٌ ..
خالَفَه عليُّ بنُ المَدينيِّ، قال: حدَّثَنا حمَّادُ بنُ زيدٍ، حدَّثَنَا يزيدُ بنُ حازمٍ، عن عمِّه جرير بن زيدٍ، قال: سمعتُ تُبيعًا يقولُ: … فذكر مثله.ص:28.
أخرَجَه البيهَقِيُّ في "الشُّعَب"(١٧٧٣ - طبع الهند) من طريق أبي جعفرٍ الحذَّاء، قال: حدَّثَنا عليُّ بنُ المَدِينيِّ بهذا.
وتُبيعٌ هذا ربيبُ كعبٍ الأحبارِ، فلعلَّه أَخَذه منه، فتتَّفق الرِّوايتان.