حديث: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، كَمَا يَتبَوَّأُ لِمَنزِلِهِ.
اللفظ / العبارة'
حديث: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، كَمَا يَتبَوَّأُ لِمَنزِلِهِ.
متعلق اللفظ
مسائل حديثية
الحكم الشرعي
ضعيف
القسم
المناهي العملية
Content
- سُئلتُ عن حديث: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، كَمَا يَتبَوَّأُ لِمَنزِلِهِ.
• قُلتُ: هذا حديثٌ ضعيفٌ.
أخرَجَهُ الحارثُ بن أبي أُسامَة في "مُسنَده"(٦٤)، ومن طريقِهِ أبو نُعيمٍ في "معرفة الصَّحابة"(٤٧٩٨) ..
وابنُ قانعٍ في "مُعجَم الصَّحابة"(ج ٧/ ق ١٠٩/ ١ - ٢)، قال: حدَّثَنا بِشرُ بن مُوسى ..
قالا (بشرٌ والحارِثُ): ثنا يحيى بن إسحاق السَّيْلَحِينِيُّ، ثنا سعيدُ بن زيدٍ، عن واصل مَولَى أبي عُيَينة، عن يحيى بن عُبيدٍ، عن أبيه، أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - … فذكره.
وأخرَجَهُ ابنُ عَدِيٍّ في "الكامل"(٣/ ١٢١٤) عن أبي عاصمٍ الضَّحَّاكِ بن مَخلَدٍ ..
وأبو نُعيمٍ في "المعرفة"(٤٧٩٩) عن وَكِيع بن الجرَّاح ..
قالا: ثنا سعيدُ بن زيدٍ، بهذا الإسناد.
وكذلك، أخرَجَهُ ابن مَنْدَهْ في "الصَّحابة".
وقال أبو نُعيم:"وكذلك رواه أبو داوُد، عن سعيدِ بن زيدٍ".
وأخرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ في "الأوسَط"(٣٠٦٤)، قال: حدَّثَنا بِشرُ بن مُوسَى، قال: نا يحيى بن إسحاقَ السَّيْلحينيُّ، قال: نا سعيدُ بن زيدٍ،ص:37.
عن واصلٍ مَولَى أبي عُيَينَة، عن يحيى بن عُبَيدٍ، عن أبيه، عن أبي هُريرَة … فذَكَره.
فجَعَله من مُسنَد أبي هُريرَة.
وقد مرَّ في التَّخريج أن ابنَ قانِعٍ يرويه عن شيخه بِشرِ بن مُوسَى، عن يحيى بن إسحاقَ، بهذا الإسنادِ، ولم يَذكُر أبا هُريرَة.
ولا أدري، كيف وقع هذا وشيخُ الطَّبَرَانِيِّ وابنِ قانعٍ واحدٌ؟!
وقال أبو نُعيمٍ:"ورواه ابن زيدَانَ، عن عمرِو بن عاصمٍ، عن حمَّادٍ وسعيدٍ ابنَيْ زيدٍ، عن واصلٍ، عن يحيى بن عبيد بن رُحَيٍّ، عن أبيه، عن أبي هُريرَة، فذكره".
• قلتُ: وابنُ زيدان هذا لم أَعرِفهُ، وبحثتُ عنه كثيرًا. ثُمَّ تبيَّن لي أنهُ مُصَحَّفٌ، وصوابُه: ابن زيدٍ - وتصَحَّف اسمُه في الرُّواة عن عمرِو بن عاصمٍ، في "تهذيب الكمال"(٢٢/ ٨٨)، فقال:"مُحمَّد بن زَبْدا"، هكذا ضبَطَه بالزَّاي، بعدها باءٌ مُوحَّدةٌ، ثُمَّ ألفٌ -. وهو محمَّد بن أحمد بن زيدٍ المَدارِيُّ. ذكرَهُ ابنُ حِبّان في "الثِّقات"(٩/ ١٢٣)، وقال:"أبو جعفرٍ المَداريُّ من أهل البَصرة … حدَّثنا عنه عبدُ الله بن قَحْطَبةَ، وغيرُه". ورأيتُه في "التَّوضيح"(٨/ ٩٦) لابن ناصر الدِّين، قال:"المَدَاريُّ، بالدَّال المُهمَلة … - ثُمّ قال: - ومُحمَّد بن أحمد بن زيدٍ المداريُّ، عن عمرِو بن عاصمٍ". وضَبَطَه ابنُ نُقطَة بالذال المُعجَمة: المَذارِيُّ. ورأيتُ له حديثًا في "أوسطِ الطبَرَانِيِّ"(٢٠٣٦)، عن عمرو بن عاصمٍ، ثُمَّ قال:"تفرَّد به ابنُ زيدٍ - يعني: مُحمّد بن أحمد بن زيدٍ المَدارِيُّ -، وهو ثقةٌ".ص:37.
• قلتُ: وهذه فائدةٌ نفيسةٌ غاليةٌ، خَلَت منها كُتُب الرِّجال. والحمد لله تعالَى.
فقد رأيتَ - أراك اللهُ الخير - أن يحيى بن إسحاقَ ووكيعًا والطَّيالسِيَّ رووه عن سعيد بن زيدٍ، عن واصلٍ، عن يحيى بن عُبيدٍ، عن أبيه.
وقال أبو زُرعَة - كما في "عِلل ابن أبي حاتمٍ"(٨٧) -: "مُرسلٌ" ورواه يحيى بن إسحاق مرَّةَ أخرى، عن سعيد بن زيدٍ، فزاد في إسناده أبا هُريرَة.
أخرجه الطَّبَرَانِيُّ في "الأوسط" كما سبق، وقال:"لم يَروِ هذا الحديث عن واصلٍ مولى أبي عُيينَة إلَّا سعيدُ بن زيدٍ. ويحيى هو يحيى بن عُبيد بن رُحَيٍّ. ولم يُسنِد عُبيد بن رُحَيٍّ عن أبي هُريرَة إلَّا هذا الحديث".
كذا قال! ولم يتفرَّد به سعيد بن زيدٍ، بل تابعه حمَّادُ بن زيدٍ، كما مَرَّ في كلام أبي نُعيمٍ. وانظُر "تنبيه الهاجد"(رقم ٢٧٣٢).
والحاصلُ أن هذا الاضطرابَ يبدُو أنهُ من سعيد بن زيدٍ؛ فإنَّه وإن وَثَّقه بعضُ النُّقَاد، فليس بعمدةٍ إذا انفَرَد. وقد تابعه أخُوه حمَّادُ بن زيدٍ، الحُجَّةُ الإمامُ. فلذلك أُرَجِّحُ من هذا الاختلاف أنهُ من مُسنَد أبي هُريرَة.
فيبقَى الكلامُ عن يحيى بن عُبيدٍ وأبيه.
فقال الهيثَمِيُّ في "المَجمع"(١/ ٢٠٤): "هو من رواية يحيى بن عبيد بن رُحَيٍّ، عن أبيه. ولم أَر من ذكَرَهما. وبقيَّةُ رجاله ثقاتٌ".
وقال المُناويُّ في "فيض القدير"(٥/ ٣٠٠): "قال الوليُّ "العِرَاقِيُّ: فيه يحيى بن عبيدٍ وأبوه: غيرُ معرُوفَين".ص:39.
وبعد كتابة ما تقدَّم، رأيتُ الحديثَ في "المَطالِب العالية"(٣٥/ ٢) للحافظ، قال:"قال سعيدُ بن يعقُوبَ الأَصبَهَانِيُّ - في "كتابه في الصحَّابة" -: حدَّثَنا سهلُ بنُ الفَرُّخان، ثنا ابنُ أبي السَّرِيِّ، ثنا وكيعٌ، عن سعيد بن زيدٍ، عن واصلٍ مولَى أبي عُيينَة، عن عُبيد بن صَيْفِيٍّ، عن أبيه، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - … - وذَكَر الحديث - ". كذا، جَعَل الحديثَ مِن مُسنَد صَيفيٍّ.
وهذه روايةٌ مُنكَرةٌ.
وقد رواها هنَّادُ بن السَّرِيِّ، عن وكيعٍ، عن سعيد بن زيدٍ، عن واصلٍ، عن يحيى بن عبيدٍ، عن أبيه، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
أخرَجَها أبو نُعيمٍ في "المعرفة"(٤٧٩٩)، قال: حدَّثَنا الطَّلْحِيُّ، ثنا الحَضرمِيُّ - هو مُطيَّنٌ -، ثنا هنَّاد بن السَّريِّ، بهذا.
أمَّا ابنُ أبي السَّريِّ، واسمه الحُسين بن المتوكِّل بن عبدِ الرحمن، أحدُ شُيوخ ابن ماجَهْ، كذَّبَه أخُوه، وأبو عَرُوبةْ الحرَّانِيُّ، وضعَّفُه أبو داوُد، وقال ابن حِبَّان:"يُخطِئ ويُغرِب".
ثمَّ رأيتُ الحافظَ ذكر صَيفِيًّا هذا في "الإصابة"(٥/ ٣٢٦ - طبع هجر)، في القِسم الرَّابع، وقال:"ذكره سعيدُ بن يعقوبَ، من طريق وكيعٍ، عن سعيد بن زيدٍ، عن واصلٍ مولى أبي عُيينَة، عن عُبيد بن صيفيٍّ، عن أبيه - وذكر الحديثَ. قال: - وهذا وهم نشأَ عن سقطٍ. وفي إسنادِهِ إلى وكيعٍ ضعفٌ. والصَّوابُ ما رواه يحيى بن إسحاقَ، عن سعيد بن زيدٍ، "عن واصلٍ، عن يحيى بن عبيدٍ، عن أبيه" انتهَى.
وله شواهدُ مثلُه في الضَّعف، لا يَتقوَّى الحديثُ بها. والله أعلم.