وقال سائلُه: إن كان صحيحًا، فهل لا يجوز أن أَدخُل حمَّامَ بيتِي؟!
• قُلتُ: هذا حديثٌ منكَرٌ، والصَّواب فيه الإرسال.
فأخرَجَه البزَّارُ (ج ١/ رقم ٣١٩)، والبيهقيُّ (٧/ ٣٠٩) من طريق يُوسُفَ بن موسَى، ثنا يَعلَى بن عُبيدٍ، ثنا سُفيان، عن ابن طاوُوسَ، عن أبيه، عن ابن عبَّاسٍ مرفوعًا:"احذَروا بيتًا … الخ".
قال البزَّار:"وهذا رواه النَّاسُ عن طاوُوسٍ مُرسَلًا، ولا نَعلَمُ أحدًا وصله إلا يُوسفُ، عن يَعلَى، عن الثَّوريِّ".
ويَعلَى بنُ عُبيدٍ مُتكلَّمٌ في خُصوص روايته عن الثَّوريِّ.
وقد خالَفَهُ أبُو نُعيمٍ الفضلُ بنُ دُكينٍ، وهو ثقةٌ ثَبتٌ، فرواه عن سُفيان، عن ابن طاوُوس، عن أبِيه، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، مُرسَلًا.
قال البَيْهقيُّ:"رواهُ الجُمهُور، عن الثَّوريِّ، علَى الإرسال. وكذلك رَواهُ أيُّوبُ السَّختِيَانيُّ، وسُفيانُ بنُ عُيينةَ، ورَوحُ بنُ القاسم، وغيرُهُم، عن ابن طاوُوسٍ، مُرسلًا".
وكذلك رجَّح أبُو حاتمٍ الإرسالَ - كما في "عللِ وَلدِه"(٢٢٠٩) -.ص:81.
وأخرجه الطَّبرانيُّ في "الكبير"(ج ١١/ رقم ١٠٩٣٢)، والحاكمُ (٤/ ٢٨٨) من طريق عبد العزيز بن يحيَى الحرَّانيِّ، ثنا مُحمَّد بن سَلَمة، عن مُحمَّد بن إسحاقَ، عن ابن طاووسٍ. وعن أيوبَ السَّختِيانيِّ، عن طَاوُوسَ، عن ابن عبَّاسٍ، مرفُوعًا:"اتَّقُوا بيتًا … الخ".
وقال الحاكمُ:"صحيحٌ على شرط مُسلِمٍ"، ووافقه الذَّهبيُّ! وليس كما قالا؛ ومُحمَّدُ بنُ إسحاق لم يَحتجَّ به مُسلمٌ، ثُمَّ هو مُدلِّسٌ، وقد عنعنه، وقد خالَفَهُ الفُحُولُ، فأَرسلُوه كما تقدَّم.
وعبدُ العزيزِ بنُ يحيى الحرَّانيُّ، وإن كان ثقةً، فهو لَيسَ مِن رجالِ مُسلِمٍ. واللهُ أعلَمُ.
أمَّا توهُّم السَّائل أن الحمَّام في الحديثِ هو الحمَّاماتُ الَّتي في الدُّور الآنَ، فليس كذلك؛ فإنَّ الحمَّامات لَم تكُن آنذاك في البُيوت، بل كانَت فيما يُشبِه الآن الميادينَ العامَّةَ.