سُئلتُ عن حديث: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُن يَمسَحُ وَجهَهُ بِالمِندِيلِ بَعدَ الوُضُوءِ، وَلَا أَبُو بَكرٍ، وَلَا عُمَرُ.

سُئلتُ عن حديث: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُن يَمسَحُ وَجهَهُ بِالمِندِيلِ بَعدَ الوُضُوءِ، وَلَا أَبُو بَكرٍ، وَلَا عُمَرُ.

اللفظ / العبارة' سُئلتُ عن حديث: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُن يَمسَحُ وَجهَهُ بِالمِندِيلِ بَعدَ الوُضُوءِ، وَلَا أَبُو بَكرٍ، وَلَا عُمَرُ.
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي لا يصح
القسم المناهي العملية
Content

 سُئلتُ عن حديث: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُن يَمسَحُ وَجهَهُ بِالمِندِيلِ بَعدَ الوُضُوءِ، وَلَا أَبُو بَكرٍ، وَلَا عُمَرُ.

وعلى ذلك: هل تنشيفُ ماءِ الوُضوءِ حرامٌ؟

• قلتُ: أخرجه ابنُ شاهين في "النَّاسخ والمنسوخ" (ق ٣٥/ ٢) من طريق يونس بن بُكَير، عن سعيد بن مَيْسرة، عن أنسٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُن يَمسَح وجهه بالمنديلِ بعد الوُضوء، ولا أبُو بَكرٍ، ولا عُمَرُ، ولا عليٌّ، ولا ابنُ مَسعُودٍ.

• قُلتُ: وهذا سندٌ ساقطٌ؛ وسعيد بن مَيْسرة كذَّبَهُ يحيى القطَّان، وقال الحاكم: "رَوَى عن أنسٍ موضوعاتٍ"، وكذا قال ابن حِبَّانَ.

لكن في معناه ما أخرجه الشَّيخان وغيرُهما، من حديث مَيمُونة - رضي الله عنها -، في صِفَة غُسل الجنابة، قالت: "ثُمَّ أتيتُهُ بالمِنديل، فَرَدَّه"، وهذا لفظ مُسلِمٍ.

وفي لفظٍ للبخاريِّ: "فناولتُهُ ثوبًا، فلم يَأخُذه".

وليس في هذا دليلٌ على كراهة التَّنشيف؛ لأنَّها واقعة حالٍ، يتطرَّقُ إليها الاحتمالُ، فيجوزُ أن يكون عَدَمُ الأخذِ يتعلَّقُ بأمرٍ آخرَ، لا يتعلَّق بكراهة التَّنشيف، بل لأمرٍ يتعلَّقُ بالخِرقةِ، أو لكونه كان مُستعجِلًا، أو لغير ذلك، قاله الحافظ في "الفتح" (١/ ٣٦٣).ص:93.

وأخرج أبُو داود (٢٤٥)، وأحمد (٦/ ٣٣٦)، والإسماعيليُّ، وأبو عَوَانة في "المُستخرَج" عن الأعمشِ، أنَّهُ سأل إبراهيم النَّخَعيَّ عن ردِّ المِنديلِ، فقال: "كانوا لا يَرَوْن بالمنديل بأسًا، ولكن كانُوا يَكرَهُون العادة".

وقال التَّيمِيُّ: "في هذا الحديث دليلٌ على أنَّهُ كان يتَنَشَّف، ولولا ذلك لم تأته بالمنديل"، وهو فهمٌ حسنٌ.

وهناك جوابٌ آخرُ، وهو: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال فيما رواه مُسلِمٌ (٢٤٤/ ٣٢) وغيرُهُ من حديث أبي هُريرة - رضي الله عنه -: "إذا توضَّأَ العبدُ المُسلِمُ - أو: المؤمنُ -، فغَسَل وجهَه، خرج من وجهه كلُّ خطيئةٍ نظر إليها بعينيه مع الماء - أو: مع آخرِ قَطْرِ الماءِ - … الحديث"، فلعل تركُه التَّنشيفَ لمُراعاة ذلك. وإذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُبرَّأُ من الدَّنَس، المَغفُورُ ذنبُه كلُّه، يفعلُ ذلك، فمن باب أولى نفعلُه نحنُ، وهو إنَّما فعله لنتَأَسَّى به.

وتُعُقِّب هذا الجَوابُ، بأنَّ ميمونة - رضي الله عنها - لمَّا أعطته المنديل، لم يأخذه وجعل ينفض يده بالماء، وهذا داخلٌ في باب الإزالة، فهو يَستَوِي معَ التَّنشيفِ.

وهذا التَّعقُّب لا يَخفَى ضعفُه؛ لأن نفضَ اليدِ لا يَمنَع قَطْرَ الماء وانفصالَه عن العُضو.

وفي المسألة بسطٌ.

وحاصل الجواب، أنَّ التَّنشيف جائزٌ.

وأخرج ابن المُنذِر في "الأوسط" (١/ ٤١٥)، والأثرمُ في "سُنَنِه"،ص:93.

(ق ٥/ ٢) بسندٍ صحيحٍ عن أنس بن مالكٍ أنَّهُ كان يَمسَحُ وجهَهُ بالمنديل بعد الوُضوء.

ورَوَى ابنُ المُنذِر نحوَه عن عُثمان بن عَفَّان، والحسينِ بن عليٍّ، وبشير بن أبي مَسعُودٍ.

ورَخَّص فيه الحسنُ، وابنُ سيرينَ، وعَلقَمَةُ، والأسودُ، ومسروقٌ.

وهو قولُ الثَّوريِّ، ومالكٍ، وأحمدَ، وأهلِ الرَّأي.

أمَّا حديثُ ميمونة السَّابقُ ذِكرُه:

فقال ابنُ المُنذِر (١/ ٤١٩)"وهذا الخَبَرُ لا يُوجِب حظرَ ذلك، ولا المَنعَ منه؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَنْهَ عنه، مع أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد كان يَدَعُ الشَّيء لئَلَّا يَشُقَّ على أُمَّته" ا. هـ.

واللهُ أعلَمُ.

كتاب إسعاف اللبيث ،ج:1،ص:94.

Loading...