سُئلتُ عن الحديث القدسيِّ:"مَن عَلِمَ أَنِّي ذُو قُدوَةٍ عَلَى مَغفِرَةِ الذُّنُوبِ، غَفَرتُ لَهُ وَلَا أُبَالِي، مَا لَم يُشرِك بِي شَيئًا".
• قلتُ: هذا حديثٌ ضعيفٌ جدًّا.
أخرَجَه عَبْدُ بن حُميدٍ في "المُنتخَب"(٦٠٢)، والطَّبرانيُّ في "الكبير"(ج ١١/ رقم ١١٦١٥)، والبَيهقِيُّ في "الأسماء والصِّفات"(١/ ٢١١ - ٢١٢)، والبَغَوِيُّ (١٤/ ٣٨٨) من طريق إبراهيمَ بن الحَكَم بن أبان، حدَّثَنِي أبِي، عن عِكرِمة، عن ابن عبَّاسٍ مرفُوعًا.
قال مُلَّا عليٌّ القارِي في "الأربعين"(٢٩): "إسنادُهُ صحيحٌ"!! وهذَا عجيبٌ جدًّا؛ فالسَّنَدُ في غايَةِ الوَهَاء! وإبراهيمُ بنُ الحكَم تركُوه، وقلَّ مَن مشَّاهُ، كما قال الذَّهبيُّ. وقد تركه النَّسائيُّ وغيرُهُ، وقال البُخاريُّ:"سَكَتُوا عنه"، وهو جَرحٌ شديدٌ عنده. وقال أحمدُ:"في سبيلِ اللهِ دَرَاهِمُ أَنفَقنَاهَا إلى عدنٍ، إلى إبراهيمَ بن الحَكَم". وقالَ ابنُ عديٍّ:"بلاؤُهُ ممَّا ذَكَرُوه، أنَّهُ كان يُوصلُ المراسيلَ عن أبيه. وعامَّةُ ما يروِيهِ لا يُتابَعُ عليه".
لكنَّه لَم يتَفَرَّد به ..
فتابعه حفصُ بنُ عُمَر العَدَنيُّ، ثنا الحَكَمُ بنُ أَبَان به.
أخرَجَه الحاكمُ (٤/ ٢٦٢)، وابنُ عَديٍّ في "الكامل"(٢/ ٧٩٣)، واللَّالَكَائيُّ في "أصول الاعتقاد"(١٩٩٠).ص:232.
قال الحاكِمُ:"هذا حديثٌ صحيحٌ الإسناد"! فرَدَّهُ الذَّهَبيُّ بقولِهِ: "العَدَنيُّ واهٍ".
وحفصٌ هذَا ليَّنَهُ أبُو حاتمٍ، وقال النَّسائيُّ:"ليس بثقةٍ"، وتَرَكه الدَّارَقُطنيُّ - كما في "العلل"(١/ ٢٤٥) -، وقال العُقيليُّ:"يُحدِّث بالأباطيل".
وقال ابنُ عَدِيٍّ في ترجَمَةِ حفصِ بن عُمَر، وساقَ أحاديثَ أُخرَى مع هذا الحديث:"وهذ الأحاديثُ عن الحَكَمِ بن أبانٍ يَروِيهَا، عن حفصِ بن عُمَر العَدَنِيِّ. والحكَمُ بنُ أَبَانَ، وإن كان فيه لِينٌ، فإنَّ حَفصًا هذا أَليَنُ مِنهُ بكثيرٍ. والبَلَاءُ من حَفصٍ، لا من الحكَم".
فالحديثُ ضعيفٌ جدًّا بهذا السَّنَد.
أمَّا شَيخُنا أبُو عبد الرَّحمن الألبانيُّ - حفظه الله - فحسَّنَه، كما في "صحيحٌ الجامع"، وفيه نَظَرٌ.