أخرجه ابنُ عديٍّ في "الكامل"(٦/ ٢٢٩٠)، واللَّالَكَائِيُّ في "شرح الاعتقاد"(١٥٦١) من طريق مُحمَّدِ بن عبد الرَّحمن بن بُحَيرِ بن رَيْسَان، قال: ثنا أبي، قال: حدَّثَنِي مالكٌ، حدَّثَني أبُو الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هُريرة مرفُوعًا.
قال ابنُ عديٍّ:"باطلٌ عن مالكٍ. ومُحمَّدُ بنُ عبدْ الرَّحمن، مِن أهل اليَمَن، روى عن الثِّقاتِ بالمناكير، وعن أبيه، وعن مالكٍ بالبواطيل".
وله شاهدٌ من حديث أنسٍ مرفُوعًا:"ليس الإيمانُ بالتَّمنِّي، ولا بِالتَّحَلِّي، ولكن ما وَقَرَ في القلب، وصدَّقهُ الفعلُ. العِلمُ عِلْمان: عِلمٌ باللِّسان، وعِلمٌ بالقلب، فعلمُ القلب العِلمُ النَّافع، وعِلمُ اللِّسان حُجَّةُ الله على ابن آدمَ".
أخرجه ابنُ بِشرانَ في "الأمالي"(ج ٢٢/ ق ٢٤٨/ ١)، وابنُ النَّجَّار في "ذيل التَّاريخ"(٢/ ٤٨)، وأبُو عبد الرَّحمن السُّلمِيُّ في "الأربعين"(٧)، وابنُ مَردَوَيهِ، ومن طريقه ابنُ الجوزِيِّ في "الواهيات"(١/ ٧٣)،ص:237.
والعَسكَرِيُّ في "الأمثال" - كما في "تخريج الأربَعِين"(ق ٣/ ٢) للسَّخاوِيِّ -، والأَصبَهَانِيُّ في "التَّرغيب"(٢١١٢) مِن طريق عبد السَّلام بن صالحٍ، ثنا يوسُفُ بنُ عطيَّة، ثنا قتادةُ، عن الحَسَن، عن أنسٍ مرفُوعًا.
وهذا سَنَدٌ ضعيفٌ جدًّا؛ وعبدُ السَّلام بنُ صالحٍ: هو أبُو الصَّلت الهَرَوِيُّ، وهو تالفٌ البتَّة، وتوثيق ابن مَعِينٍ له مردُودٌ، في مُقابِل الجرح المُفسَّر الصَّادرِ من سائر الأَئِمَّة، فقد كذَّبه بعضُهم، وترَكَهُ آخَرُون، حتَّى قال الجُوْزْجَانِيُّ:"هو أكذَبُ من رَوْثِ حمار الدَّجَّال"، وكذَّبَهُ العُقيليُّ، وقال أبُو حاتمٍ الرَّازيُّ:"لم يَكُن عِندِي بصَدُوقٍ"، وهذا يَلتَقِي مع حكم العقيليِّ، والكلامُ فيه طويلُ الذَّيل.
وقال الشَّيخ العَلَّامةُ عبد الرَّحمن بن يحيَى المُعلِّمِيُّ رحمه الله في تعليقه علي "الفوائد المجموعة"(ص: ٢٩٣) للشَّوكانيِّ، مُبيِّنًا حالَ أبي الصَّلت: "وأبو الصَّلتِ فيما يَظهَرُ لي كان داهِيَةً: من جِهَةٍ خَدَمَ عليَّ الرِّضا بنَ مُوسَى بن جَعفَر بن مُحمَّد بن عليِّ بن الحُسَين بن عليِّ بن أبي طالبٍ، وتظاهَر بالتَّشيُّعِ، ورواية الأخبار التي تَدخُلُ في التَّشيُّعِ. ومن جِهَةٍ كان وجِيهًا عند بَنِي العَبَّاس. ومن جِهَةٍ تقرَّب إلي أهل السُّنَّة برَدِّه على الجهمِيَّةِ، واستطاع أن يتجَمَّل لابنِ مَعِينٍ حتَّى أحسَنَ الظَّنَّ به ووثَّقَهُ. وأحسَبُهُ كان مُخلِصًا لبني العبَّاس، وتظاهَرَ بالتَّشيُّعِ لأهلِ البَيتِ مَكرًا منه لكي يُصدَّقَ فيما يَروِيهِ عَنهُم، فرَوَى عن عليِّ بنِ مُوسَى عن آبائه المَوضُوعَاتِ الفاحشةَ، كما تَرَى بعضَها في ترجمةِ عليِّ بن مُوسَى من التَّهذيب، وغَرَضُهُ من ذلك حَطُّ دَرَجَةِ عَلِيِّ بن مُوسَى وأهلِ بَيتِه عند،ص:237.
النَّاس. وأتعجَّبُ من الحافظ ابن حَجَرٍ، يَذكُرُ في ترجمة عليّ بن مُوسَى من "التَّهذيب" تلك البَلَايَا، وأنَّهُ تفرَّد بها عنه أبو الصَّلتِ، ثُمَّ يقُولُ في ترجمة عليٍّ من "التَّقريب": "صدُوقٌ. والخَلَلُ ممَّن رَوَى عنه"، والذي رَوَى عنه هو أبو الصَّلت. ومع ذلك يقُولُ في ترجمة أبي الصَّلت من "التَّقريب": "صدُوقٌ، له مَنَاكِيرُ، وكان يتشيَّعُ، وأفرَطَ العُقَيليُّ فقال: كذَّابٌ". ولم ينفَرِد" العُقيليُّ، فقد قال أبو حاتِمٍ: "لم يَكُن بصدُوقٍ"، وقال ابنُ عَدِيٍّ: "له أحاديثُ مناكِيرُ في فضل أهلِ البَيتِ، وهو مُتَّهَمٌ فِيها"، وقال الدَّارَقُطنِيُّ: "رَوَى حديثَ: "الإيمانُ إقرارُ القَولِ" وهو مُتَّهمٌ بوَضعِه"، وقال مُحمَّدُ بنُ طاهرٍ: "كذَّابٌ"." انتهَى.
ويوسُفُ بن عطيَّة: هو البصرِيُّ الصفَّارُ، وهو مُجمَعٌ على ضعفه، فقد تَرَكه النَّسائيُّ، وقال البُخاريُّ:"مُنكَر الحديث".
وقد خُولِف قتادةُ في إسناده ..
خالفه أبُو بِشرٍ الحَلَبيُّ، فرَوَاه عن الحَسَنِ قال:"ليس الإيمانُ بالتَّحَلِّي، ولا بالتَّمَنِّي، ولكن ما وَقَرَ في القلب، وصدَّقَتهُ الأعمالُ. مَن قال حَسَنًا، وغَمِل غيرَ صالحٍ، ردَّهُ اللهُ على قوله، ومَن قال حَسَنًا وعمل صالحًا، رفَعَهُ العَمَلُ؛ ذلك بأنَّ الله تعالى يقول:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر: ١٠] ".
أخرجَه البَيهقِيُّ في "الشُّعَب"(ج ١/ رقم ٦٥)، والخطيبُ في "الاقتضاء"(٥٦) من طريق عُبيد الله بن مُوسَى، ثنا أبُو بِشرٍ الحَلَبيُّ به.
وهذا لا يَصحُّ أيضًا؛ وأبو بِشرٍ الحلبيُّ مجهولٌ.ص:239.
ولكن له طريق آخر ..
أخرجه ابنُ أبي شَيبة في "الإيمان"(٩٣)، وعبدُ الله بنُ أحمدَ في "زوائد الزُّهد"(ص ٢٦٣)، مِن طريق جَعفرِ بن سُليمان، قال: نا زكريَّا، قال: سَمِعتُ الحَسَنَ يقولُ: "إنَّ الإِيمانَ ليس بالتَّحلِّي، ولا بالتَّمنِّي، إنَّما الإيمانُ ما وَقَرَ في القلب، وصدَّقَه العملُ".
وفي "الزُّهد": " … عن الحَسَن، قال: كان يُقال … ".
وسَنَدُه ضعيفٌ جدًّا؛ فإنَّ زكريَّا هو ابنُ حكيمٍ الحَبَطِيُّ البَصرِيُّ، وهو هالكٌ، كما قال ابنُ المَدينيِّ. وقال النَّسائيُّ:"ليس بثِقَةٍ"، وكذا قال ابنُ مَعِينٍ. فلا يَصِحُّ أيضًا عن الحَسَن.
لكن نَقَلَ المُناوِيُّ في "فيض القدير"(٥/ ٣٥٦)، عن العَلَائِيِّ، قال:"حديثٌ مُنكَرٌ، تفرَّد به عبدُ السَّلام بنُ صالحٍ العابدُ، قال النَّسائيُّ: "مترُوكٌ"، وقال ابن عديٍّ: "مجُمَعٌ على ضعفه"، وقد رُوي معناه بسَنَدٍ جيِّدٍ، عن الحَسَن من قوله، وهو الصَّحيح" ا. هـ، كذا! ورُبَّما توَهَّم العَلَائيُّ أن زكريَّا هو ابنُ أبي زائدةَ أو نحوه. واللهُ أعلَمُ.
أمَّا الشَّطر الثَّاني من حديث أنسٍ مرفوعًا:"العلم عِلمان … الخ".
فله شاهدٌ من حديث جابرٍ - رضي الله عنه - مرفُوعًا بتمامه.
أخرَجَهُ الخطيبُ في "تاريخه"(٤/ ٣٤٦)، ومن طريقه ابنُ الجَوزِيِّ في "الواهيات"(٨٩) من طريق أبي سعيدٍ الأَشَجِّ عبدِ الله بن سعيدٍ، قال: ثنا يحيَى بنُ يمانَ، عن هشامِ بن حسَّانَ، عن الحَسَن، عن جابرٍ مرفُوعًا.ص:240.
• قلتُ: وهذا أحدُ وُجُوه الاختلاف على الحَسَن في إسناده، ولا يُسمَّى في الحقيقة شاهدًا إلَّا من جهة الشَّكل فقط.
وهذا الوَجهُ مُنكَرٌ؛ ويحيى بنُ يمانَ ليس بحُجَّةٍ، فمِن عَجَبٍ أن يقُول المُنذِرِيُّ في "التَّرغيب"(١/ ١٠٣): "إسنادُهُ حَسَنٌ"، وكذلك العِرَاقِيُّ قال في "تخريج الإِحيَاء"(١/ ٥٩): "إسنادُهُ جيِّدٌ، وأعلَّهُ ابنُ الجَوزِيِّ"!!
والحَقُّ مع ابن الجوزِيِّ في إعلالِهِ قَطعًا؛ لأنَّ يحيى بنَ يمانَ - مع ضَعفِ حِفظِه - خالَفَهُ جماعةٌ من الثِّقات، فرَوَوهُ عن هشامِ بن حسَّانَ، عن الحَسَن، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُرسَلًا.
أخرَجَهُ ابنُ أبي شَيبَة في "زُهد المُصنَّف"(١٣/ ٢٣٥) قال: حدَّثَنا ابنُ نُمَيرٍ ..
والحُسَينُ المَروَزِيُّ في "زوائِدِهِ على زُهد ابن المُبارَك"(١١٦١) قال: نا عبَّادُ بنُ العوَّام ..
وابنُ عبدِ البَرِّ في "جامع العلم"(١١٥٠) عن أبي معاويةَ الضَّرير مُحمَّدِ بن خازمٍ ..
قالُوا: ثنا هشامُ بنُ حسَّانَ بهذا.
وتابَعَهُمَا فُضَيلُ بنُ عياضٍ، فرواه عن هشام بن حسَّان بهذا الإسناد مُرسَلًا.
أخرَجَهُ الدَّارِمِيُّ في "المُقدِّمة"(١/ ٨٦) قال: أخبَرَنا عاصمُ بن يُوسُف ..ص:241.
والحكيمُ التِّرمِذِيُّ في "نوادر الأُصُول"(ج ٢/ ق ٥/ ١) قال: ثنا حَفصُ بنُ عُمَر العابدُ ..
قالا: ثنا فُضَيلُ بنُ عياضٍ بهذا الإسناد.
قال المُنذِرِيُّ في "التَّرغيب"(١/ ١٠٣)، والعِراقِيُّ في "تخريج الإحياء"(١/ ٥٩): "مُرسَلٌ صحيحٌ الإسناد".
ورَوَاهُ مَكِّيُّ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا هشامُ بنُ حسَّان، عن الحَسَن البَصرِيِّ قولَه.
أخرَجَهُ الدَّارِمِيُّ أيضًا (١/ ٨٦). وسَنَدُه صحيحٌ.
وأخرَجَهُ البَيهَقِيُّ في "شُعَب الإيمان"(١٦٨٦ - طبع الهند)، من قَول الفُضَيل بن عياضٍ، بسَنَدٍ جيِّدٍ عنه.
فالصَّحيح في هذا أنَّهُ صحيحٌ من مُرسَل الحسَن ومِن قوله.
وهذا فيما يتعلَّقُ بالفَقرَة الثَّانية:"العِلمُ علمان … الخ".