كَانَ يَبعَثُ إِلَى المَطَاهِرِ، فَيُؤتَى بِالمَاءِ، فَيَشْرُبهُ؛ يَرجُو بَرَكَةَ أَيدِي المُسلِمِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! الوُضُوءُ مِن جَرٍّ جَدِيدٍ أَحَبُّ إِلَيكَ، أَم مِنَ المَطَاهِرِ

كَانَ يَبعَثُ إِلَى المَطَاهِرِ، فَيُؤتَى بِالمَاءِ، فَيَشْرُبهُ؛ يَرجُو بَرَكَةَ أَيدِي المُسلِمِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! الوُضُوءُ مِن جَرٍّ جَدِيدٍ أَحَبُّ إِلَيكَ، أَم مِنَ المَطَاهِرِ

اللفظ / العبارة' كَانَ يَبعَثُ إِلَى المَطَاهِرِ، فَيُؤتَى بِالمَاءِ، فَيَشْرُبهُ؛ يَرجُو بَرَكَةَ أَيدِي المُسلِمِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! الوُضُوءُ مِن جَرٍّ جَدِيدٍ أَحَبُّ إِلَيكَ، أَم مِنَ المَطَاهِرِ
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي منكر
القسم المناهي العملية
Content

سُئلتُ عن حديث: كَانَ يَبعَثُ إِلَى المَطَاهِرِ، فَيُؤتَى بِالمَاءِ، فَيَشْرُبهُ؛ يَرجُو بَرَكَةَ أَيدِي المُسلِمِينَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله! الوُضُوءُ مِن جَرٍّ جَدِيدٍ أَحَبُّ إِلَيكَ، أَم مِنَ المَطَاهِرِ؟ قَالَ: "لَا، بَل مِنَ المَطَاهِرِ؛ إِنَّ دِينَ اللهِ الحَنِيفِيَّةُ السَّمحَةُ".

• قلتُ: هذا حديثٌ مُنكَرٌ.

أخرجه الطَّبرانيُّ في "الأوسط" (ج ١/ ق ٤٦/ ١)، وابنُ عديٍّ في "الكامل" (٢/ ٧٨٣)، وأبو نُعيمٍ في "الحلية" (٨/ ٢٠٣) مِن طريق مُحْرِزِ بن عونٍ، ثنا حسَّانُ بنُ إبراهيم الكَرْمَانِيُّ، عن عبدِ العزيز بن أبي روَّادٍ، عن نافع، عن ابن عُمَر فذكره.

قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن عبد العزيز إلَّا حسَّانُ".

وقال أبُو نُعيمٍ: "غريبٌ. تفرَّد به حَسَّانُ بنُ إِبراهيم، لم نَكتُبه إلَّا من حديث محُرِزٍ".

قلتُ: تفرَّد حسَّانُ بنُ إبراهيم بوصلِهِ.

وقد خُولِفَ في ذلك ..

فخالَفَهُ وكيعُ بنُ الجرَّاح، فرواه عن عبد العزيز بن أبي رَوَّادٍ، عن مُحمَّد بن واسعٍ الأزديِّ، قال: جاء رجُل إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - … فذَكَرَهُ نحوَهُ.

أخرجه ابنُ عديٍّ في "الكامل" (٢/ ٧٨٣) قال: حدَّثَنَاهُ ابنُ صاعدٍ، ثنا القاسِمُ بن يزيَد الوزَّانُ، ثنا وكيعٌ.ص:258.

وحَسَّانُ بنُ إبراهيم لا يُقارَن بوكيعٍ جلالةً، وحِفظًا، وإتقانًا. وكان حسَّانُ صاحبَ ما غرائبَ، ووَهَمٍ في الأسانيد.

وقد تُوبِع وكيعٌ على إرساله ..

تابعه خلَّادُ بنُ يَحيَى، فرواه عن عبد العزيز بن أبي رَوَّادٍ، عن مُحمَّد بن واسعٍ مُرسَلًا.

ذكره أبُو نُعيمٍ في "الحِلية" (٨/ ٢٠٣).

وخلَّادٌ صدوقٌ، من كبار شُيوخ البُخاريِّ، وفي حفظِهِ مقالٌ خفيفٌ.

أمَّا آخرُه: "إنَّ دين الله الحَنِيفيَّةَ السَّمحةَ"، فوَرَد عن جماعةٍ من الصَّحابة، منهم: ابنُ عبَّاسٍ، وأبو أُمَامة، وعائشةُ، وأبُو هُريرة، وجابرُ بن عبد الله - رضي الله عنهم -.

• أوَّلًا: حديث ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -.

أخرَجَهُ البُخارِيُّ في "صحيحه" (١/ ٩٣ - فتح) مُعلَّقًا، ووَصَلَهُ في "الأدب المُفرَد" (٢٨٧)، وأحمدُ (١/ ٢٣٦)، وعَبدُ بن حُمَيدٍ في "المُنتخَب" (٥٦٩)، والبَزَّارُ (ج ١/ رقم ٧٨)، وأبو إسحاق الحَربِيُّ في "الغريب" (١/ ٢٩١)، وأبو بَكرٍ الكِلَابَاذِيُّ في "المعاني والأخبار" (ق ١٦٨/ ١)، والطَّبَرَانِيُّ في "الكبير" (ج ١١/ رقم ١١٥٧١، ١١٥٧٢)، وفي "الأَوسَط" (ج ٢/ رقم ١٠١٠)، والضِّيَاءُ المَقدِسِيُّ في "المُختارَة" (ج ٦٤/ ق ٣٧٠/ ١)، والحافظُ في "التَّغلِيق" (٢/ ٤١) من طُرُقٍ عن مُحمَّدِ بن إسحاق، عن داوُدَ بن الحُصَين، عن عِكرِمَةَ، عن ابن عبَّاسٍ، قال: سُئل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن أيِّ الأديان أحبُّ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ؟ قال: "الحَنِيفيَّةُ السَّمحَةُ".

أمَّا تدليسُ ابن إِسحاقَ فإنَّ أبا الأشبال كان يُشَكِّكُ في ثُبُوتِهِ، إِنْ لم أَقُل إنَّهُ كان يَنفِيهِ؛ فقد قال في "شرح المُسنَد" (٢/ ٤٩)"ومُحمَّدُ بنُ إسحاق ثِقَةٌ، وزَعَمَ بعضُهُم أنَّه مُدَلِّسٌ، وقد ارتَفَعَت هذه الشُّبهَة - إِن وُجِدَت - بتصريحه في الإسناد بالتَّحديث".

وقال في موضعٍ آخرَ مِنهُ (٩/ ٣٨)"فابنُ إِسحَاق صرَّحَ هُنَا بالتَّحديث مِن نَافِعٍ، فزالت شُبهَةُ التَّدلِيس، إن كان لَهَا أصلٌ".

وقال في تعليقه على "المُحَلَّى" (٤/ ٧١)"وابن إِسحَاق … وقد صرَّح بسماعه مِن نَافِعٍ، فارتَفَعَت شُبهةُ التَّدليس، إن ثَبَتَ أنَّه مُدَلِّسٌ".

• قلتُ: فهذه نُصُوصٌ مِن كلامِ الشَّيخ، ينفي فيها، أو يَكَادُ، تَدلِيسَ ابن إِسحاقَ. وقد صحَّحَ له أحاديثَ كَثِيرَةً رواها بالعَنعَنَةِ في "المُسنَد"، وانظر مثلًا الأرقامَ: ١٨٧٥، ٢٠٤١، ٢٠٤٢، ٢٣١٤، ٢٣٨٩، ٢٨٨٤، ٦٤٣٧.

هذا، مع أن ابنَ إسحاقَ مِنَ المَشهُورِين بالتَّدليس ..

قال الإِمامُ أحمدُ: "كان ابنُ إسحاق يُدَلِّسُ"، قيل له: "فإذا قال: أخبَرَنِي، وحدَّثَنِي، فهو ثقةٌ؟ "، قال: "يقولُ: أخبَرَنِي، ويُخالِفُ! ".

وهذا قولٌ شديدٌ من الإِمَام.

وقد اتَّهَمَهُ أيضًا بالتَّدليس: ابنُ نُمَيرٍ، وابنُ خُزَيمَةَ، والبَيهَقِيُّ. وعامَّةُ المُتَأَخِّرِينَ: كالحَازِمِيِّ، وابنِ الجَوزِيِّ، وابنِ الصَّلَاح، والمُنذِرِيِّ، والذَّهَبِيِّ، والمِزِّيِّ، وابنِ تَيمِيَةَ، وابنِ القَيِّمِ، والعِرَاقِيِّ، وابنِ حَجَرٍ، في آخرين يطُولُ الأمرُ بذِكرِهِم.

كتاب إسعاف اللبيث،ج:1،ص:260.


Loading...