أخرجه البزَّارُ في "مُسنَده"(ج ٢/ ق ٥٨/ ١)، وابنُ سعدٍ في "الطَّبَقات"(٤/ ٨٢ - ٨٣، و ٧/ ٣١٩)، والطَّبَرانيُّ في "الكبير"(ج ٦/ رقم ٦٠٤٠)، والطَّبَريُّ في "تفسيره"(٢١/ ٨٥)، وأبُو الشَّيخ في "طبقات المُحدِّثين"(٦)، وأبو نُعيمٍ في "أخبار أصبهانَ"(١/ ٥٤)، والحاكمُ (٣/ ٥٩٨)، والبيهقيُّ في "دلائل النُّبوَّة"(٣/ ٤١٨) من طريق كَثير بن عبد الله المُزَنيِّ، عن أبيه، عن جدِّه، أن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - خطَّ الخندقَ عام الأحزاب، حتَّى بلغ المِدَادَ، فقَطَعَ لكُلِّ عشرةٍ أربعين ذراعًا، فاحتجَّ المهاجِرون والأنصارُ في سَلمانَ الفارسيِّ، وكان رجُلًا قويًّا، فقال المُهاجِرون:"سَلمانُ مِنَّا! "، وقالت الأنصار:"سَلمانُ مِنَّا! "، فقال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَلمانُ مِنَّا آلِ البيت".
قال الهيثميُّ (٦/ ١٣٠): "فيه كَثيرُ بنُ عبد الله المُزنيُّ، وقد ضعَّفَه الجُمهورُ، وحَسَّن التِّرمذيُّ حديثَه، وبقيَّةُ رجاله ثقاتٌ" ا. هـ.
• قلتُ: رَحِمَ الله الهيثميَّ؛ فحالُ كَثير بن عبد الله لا تَحتاجُ لذكر تحسين التِّرمذيِّ له؛ فإنَّ التِّرمذيَّ يُحسِّن حديثَ الضَّعيف في المُتابَعات والشَّواهِد، فيُحتَملُ أن يكون قَصدُهُ كذلك. وأحيانًا يُحسِّن حديثَ الضَّعيف ولو تَفرَّدَ، بل قد يُصحِّحُه؛ ولذلك وصفَهُ بعضُ العُلماء،ص:337.
بالتَّساهل. وقد روى التِّرمذيُّ لكَثير بن عبد الله حديثَ:"الصُّلحُ جائزٌ بين المسلمين" وحسَّنه، فردَّهُ الذَّهَبيُّ بقوله:"فَلِذَا، لا يَعتمِد العلماءُ على تحسين التِّرمذيِّ"، يعني لتساهُلِه.
وكَثيرٌ هذا ضعيفٌ جدًّا، بل نَسَبه الشَّافعيُّ وأبو داوُد إلى الكَذِب، وترَكَهُ آخَرُون، ولمَّا سكَت عليه الحاكِمُ، تعقَّبَهُ الذَّهبيُّ في "تلخيص المُستدرَك" بقوله: "سندُهُ ضعيفٌ"، والصَّواب أن يُقال: ضعيفٌ جدًّا.
وله شاهدٌ من حديث الحُسين بن عليِّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنهما - مرفُوعًا مثله.
أخرجه البزَّارُ، وأبو يَعلَى في "مُسنَده"، ومِن طريقه أبو الشَّيخ في "الطَّبقات"(٥) مِنْ طريق النَّضر بن حُميدٍ، عن سعدٍ الإِسكافِ، عن أبي جعفرٍ مُحمَّد بن عليٍّ، عن أبيه، عن جَدِّه الحُسين بن عليٍّ.
وسنَدُه ساقطٌ البتَّة؛ والنَّضرُ بنُ حُميدٍ ترَكه أبو حاتمٍ، وقال البُخاريُّ:"مُنكَر الحديث".
وسعدٌ الإسكافُ ترَكَه النَّسائيُّ، والدَّارَقُطنيُّ، بل قال ابن حِبَّانَ:"كان يَضَعُ الحديث على الفور"، نسأل الله السَّلامة، ولذلك قال ابنُ مَعِينٍ:"لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يروي عنه".ص:338.