سُئلتُ عن حديث:"الشَّبَابُ شُعبَةٌ مِنَ الجُنُونِ".
• قلتُ: هذا حديثٌ مُنكَرٌ.
أخرجه الخرائِطيُّ في "اعتلال القُلوب"(ق ٣٨/ ١ - ٢) من طريق مُحمَّدِ بن عُبيدٍ المَدَنيِّ، وعبدِ العزيز بن عبد اللّه، عن عبدِ اللّه بن نافعٍ، عن عبدِ اللّه بن مُصْعَب بن خالد بن يزيد بن خالدٍ الجُهنيِّ، عن أبيه، عن جَدِّه زيدِ بن خالدٍ مرفُوعًا:"الشَّبابُ شُعبةٌ من الجنون، والنِّساءُ حُبَالَةُ الشَّيطان".
وأخرجه الأصبهانيُّ في "التَّرغيب"(١٢٢٦) من طريق الزُّبَير بن بَكَّارٍ، وإبراهيمَ بن سلَّامٍ المَدينيِّ، كلاهُما عن عبدِ اللّه بن نافعٍ، قال: حدَّثَنا عبدُ اللّه بنُ مصعَبٍ، عن أبيه، عن جدِّهِ - رضي الله عنه -، قال: تلقَّفتُ هذه الخُطبةَ من في رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوكَ، سمعتُهُ يقولُ: "أمَّا بعدُ! فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللّه، وأوثقَ العُرى كلمةُ التَّقوى، وخيرَ المِلَلِ ملَّةُ إبراهيمَ - صلوات الله عليه -، وخيرَ السُّنَن سُنَّةُ محمَّدٍ، وأشرفَ الحديث ذكرُ اللّه، وأحسنَ القصصِ هذا القُرآنُ، وخيرَ الأُمور عزائِمُها، وشرَّ الأمُور مُحدَثاتُها، وأحسَنَ الهديِ هديُ الأنبياء، وأشرفَ الموتِ قتلُ الشُّهداء، وأعمى الضَّلالة ضلالةٌ بعد الهُدى، وخيرَ العملِ ما نفع، وخيرَ الهدي ما اتُّبِع، وشرَّ العَمَى عمَى القلب، واليدُ العُليا خيرٌ من اليد السُّفلَى، وما قلَّ وكفَى خيرٌ مما كثُر وألهَى، وشرَّ المعذِرة عند حُضور الموتِ، وشرَّ،ص:349.
النَّدامة ندامةُ يومِ القيامة، ومن النَّاس مَن لا يأتي الجُمعةَ إلَّا نزرًا، ومنهم مَن لا يذكُرُ اللّهَ إلَّا هُجرًا، ومن أعظمِ الخطايا اللسانُ الكَذُوبُ، وخيرَ الغِنَى غنَى النَّفسِ، وخيرَ الزَّاد التَّقوى، ورأسَ الحِكمة مخافةُ اللّه، وخيرَ ما أُلقي في القلب اليقينُ، والارتيابَ من الكُفر، والنِّياحةَ من عمل الجاهليَّة، والغُلُولَ من جَمر جهنَّمَ، والخمرَ جِماعُ الإثمِ، والنِّساءَ حبائِلُ الشَّيطان، والشَّبابَ شُعبةٌ من الجُنون، وشرَّ المكاسبِ كسبُ الرَّبا، وشرَّ المال أكلُ مال اليتيم، والسَّعيدَ من وُعِظَ بغيرهِ، والشَّقيَّ من شقي في بطن أُمِّه، وإنَّما يصيرُ أحُدُكم إلى موضع أربعةِ أذرُعٍ، والأمرَ إلى الآخرة، ومِلاكَ الأمر خواتمه، وشرَّ الرَّوايا روايا الكذب، وكلَّ ما هو آتٍ قريبٌ، وسبابُ المسلم فسوقٌ وقتالَهُ كفرٌ، وأكلَ لحمِهِ من معصية اللّه، وحُرمةَ مالِهِ كحُرمةِ دمه، ومَن تألَّى على اللّه يُكذِّبُهُ اللّه، ومن يغفر يغفرُ اللّه له، ومن يرحمْ يرحمُهُ اللّه، ومن يَعْف يَعْفُ اللّهُ عنه، ومن يكظم الغيظَ يأجُرُه اللّه، ومن يصبر على الرَّزيَّةِ يعوِّضُهُ اللّه. اللهمَّ! اغفر لأمَّتِي، اللهمَّ! اغفر لأمَّتِي - ثلاثًا - ".
قال الذَّهَبيُّ في "الميزان" (٢/ ٥٠٦) في تَرجمة عبد اللّه بن مُصْعبٍ: "عن أبيه، عن جَدِّه، فرَفَعَ خُطبةً مُنكَرةً، وفِيهِم جهالةٌ".
وعزاه الحافظُ في "اللِّسان" (٤٨٨٨)، وابنُ قُطْلُوْبُغَا في "من رَوَى عن أبيه عن جَدِّه" (ص ٣٧٤) للدَّارَقُطنيِّ في "سنَنه"، والحكيمِ التِّرمذيِّ في "نوادر الأصول".
وأخرجَهُ البَيهقيُّ في "دلائل النُّبوَّة"(٥/ ٢٤١ - ٢٤٢) من طريق أبي أُميَّة الطَّرَسُوسِيِّ مُحمَّدِ بن إبراهيم، قال: حدَّثَنا يعقوبُ بنُ محمَّدٍ بن عيسى الزُّهريُّ، قال: حدَّثنَا عبدُ العزيز بنُ عِمرانَ، قال: حدَّثَنا عبدُ الله بنُ مُصعَب بن منظور بن جميل بن سِنانَ، قال: أخبَرَنا أبي، قال: سمعتُ عقبَةَ بنَ عامرٍ الجُهنِيَّ يقولُ: خرجنا مع رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوكَ، فاستَرقَدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا كان منها على ليلةٍ فلم يستيقظ حتَّى كانت الشَّمسُ قِيدَ رُمحٍ، قال:"أَلَم أقُل لك يا بلالُ! اكلأ لنا الفَجرَ؟ "، فقال: يا رسُول اللّه! ذَهَب بي النَّومُ، فذهب بي الذي ذهب بك. فانتَقَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك المَنزل غيرَ بعيدٍ، ثُمَّ صلَّى، ثمَّ هَدَرَ بقيَّة يومه وليلته، فأصبَحَ بتبُوكَ، فحمدَ الله تعالى، وأثنَى عليه بما هو أهلُهُ، ثُمَّ قال:"أيُّها النَّاسُ! أمَّا بعدُ! … " وساق الحديثَ بطوله.
وعزاه ابنُ كثيرٍ في "البداية والنِّهاية"(٥/ ١٤) للبيهقيِّ، وقال:"هذا حديثٌ غريبٌ، وفيه نَكَارَةٌ، وفي إسناده ضعفٌ".
والصَّواب أن إسنادَهُ ضعيفٌ جدًّا؛ وفيه عبدُ العزيز بن عمران، وهو متروكٌ.
والأشبَهُ أن يكُون موقوفًا ..
فقد رَوَى أحمدُ في "الزُّهد"(ص ١٤١) قال: حدَّثنا هاشم، حدَّثَنا حَرِيزٌ - هو ابنُ عثمان -، عن عبد الرَّحمن بن أبي عَوفٍ، قال: قال أبُو الدَّرداء: "الرَّيبُ من الكُفر، والنَّوحُ عملُ الجاهليَّة، والشِّعرُ مزاميرُ إبليس، والغُلولُ جمرٌ من جَهَنَّم، والخمرُ جِماعُ كلِّ إثمٍ،ص:350.