"خَيرُ النَّاسِ أَنفَعُهُم لِلنَّاسِ".

"خَيرُ النَّاسِ أَنفَعُهُم لِلنَّاسِ".

اللفظ / العبارة' "خَيرُ النَّاسِ أَنفَعُهُم لِلنَّاسِ".
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي ضعيف
القسم المناهي العملية
Content

 سُئلتُ عن حديث: "خَيرُ النَّاسِ أَنفَعُهُم لِلنَّاسِ".

• قلتُ: هذا حديثٌ ضعيفٌ.

أخرجَهُ الطَّبرانِيُّ في "الأوسط" (٥٧٨٧)، والبيهقيُّ في "الشُّعَب" (ج ١٣/ رقم ٧٢٥٢)، والقُضاعِيُّ في "مُسنَد الشِّهاب" (١٢٩) مِن طريق عليّ بن بَهرَامَ، ثنا عبدُ الملِك بنُ أبي كَريمة، عن ابن جُريجٍ، عن عطاءٍ، عن جابرٍ مرفُوعًا: "المُؤمِنُ يَألَفُ ويُؤلفُ، ولا خير فيمن لا يَألَف ولا يُؤلف، وخيرُ النَّاس أنفَعُهم للنَّاس".

قال الطَّبرانِيُّ: "لَم يَروِ هذا الحديثَ عن ابن جُريجٍ إلَّا عبدُ الملِك بنُ أبي كريمة، تفرَّد به عليُّ بنُ بهرَامَ" كذا قال!

ولم يتفرَّد به ابنُ أبي كريمة ..

فتابعه عمرُو بنُ بكرٍ السَّكْسَكْيُّ، عن ابن جُريجٍ بسنده سواء.

أخرجه ابن حِبَّانَ في "المجروحين" (٢/ ٧٩)، وابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (ج ٢/ ق ٤٢٠/ ٢).

ولكنها مُتابَعةٌ ساقطةٌ؛ وعمرُو بنُ بكرٍ قال فيه ابنُ حِبَّانَ: "يَروِي عن إبراهيم بن أبي عَبْلة وابنِ جُريجٍ وغيرهما من الثِّقات الأوابدَ والطَّامَّات، التي لا يَشكُّ مَنْ هذا الشَّأنُ صناعَتُه أنَّها معمولةٌ أو مقلوبةٌ. لا يَحلُّ الاحتجاجُ به".ص:356.

وَأَمَّا عليُّ بنُ بهرامَ وعبدُ الملِك بنُ أبي كريمة، الواقعان في سنَد الطَّبرانيِّ، فقال الهَيثميُّ في "مجَمَع الزَّوائد" (٨/ ٨٧)"لم أعرِفهُما" كذا قال! وهو عجيبٌ ..

فأمَّا عبد الملِك بن أبي كريمة، فهو من رجال التَّهذيب (١٨/ ٣٩٥).

وأمَّا عليُّ بنُ بَهرامَ، فترَجمهُ الخطيبُ في "تاريخه" (١١/ ٣٥٣ - ٣٥٤)، ولم يَذكُر فيه شيئًا.

ثم ابن جُريجٍ مُدلِّسٌ، ولم يُصرِّح بتحديثٍ.

ثُمَّ رأيتُ له شاهدًا من حديث ابن عُمَر، قال: جاءَ رجل إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا رسول اللّه! مَن خَيرُ النَّاس؟ "، فقال: "أَنفعُ النَّاس للنَّاس … "، وساق حديثًا.

أخرجه ابنُ عساكر (ج ١١/ ق ٨٨٦).

وسَنَدُه ضعيفٌ أو واهٍ؛ وفيه عليُّ بنُ جعفرِ بن عبد الله الرَّازيُّ شيخ تمَّامٍ الرَّازيِّ، لا يُعرَف شيءٌ من حالِهِ، ولم يَذكُر ابنُ عساكر في ترجمته جرحًا ولا تعديلًا.

وكذلك شيخُه أبو القاسم عامرُ بنُ جُريجٍ الدِّمشقيُّ.

وإبراهيمُ بنُ عبد الحميد الجُرَشِيُّ، لعلَّه المُترجَم في "الجرح والتَّعديل" (١/ ١/ ١١٣)، فإِن يَكُنهُ، فهو لا بَأسَ به، وإِلَّا، فلا أعرِفهُ.

وبَكرُ بنُ خُنَيسٍ ضعَّفه النَّسائِيُّ، وعمرُو بنُ عليٍّ، ويعقوبُ بنُ شَيبةَ، وقال ابنُ مَعِينٍ في رواية: "ليس بشيءٍ"، وتَرَكَه الدَّارَقُطنيُّ، وابنُ خِراشٍ، وأحمدُ بنُ صالحٍ المِصريُّ. ولكن، قال أبو حاتمٍ الرَّازيُّ:ص:357.

"لا يَبلُغ التَّرك" - كما في "الجرح والتَّعديل" (١/ ١/ ٣٨٤) -، وقال الحافظُ في "التَّقريب""صَدوقٌ، له أغلاطٌ"، وهذا تَسَامُحٌ مِنهُ، فكان ينبغي له أن يُصرِّح بضعفِهِ، كما فَعَل في "الفتح" (٩/ ٢٤٣).

وله مُتَابَعاتُ أُخرى لا يُعتدُّ بها.

أما أوَّلُ الحديث، وهو: "المُؤمِن يألَفُ … الخ"، فثابِتٌ.

واللهُ أعلَم.

كتاب إسعاف اللبيث،ج:1،ص:358.



Loading...