رَأَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَبُولُ قَائِمًا، فَنَهَاهُ عَن ذَلِكَ ".

رَأَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَبُولُ قَائِمًا، فَنَهَاهُ عَن ذَلِكَ ".

اللفظ / العبارة' رَأَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَبُولُ قَائِمًا، فَنَهَاهُ عَن ذَلِكَ ".
متعلق اللفظ مسائل حديثية
الحكم الشرعي ضعيف
القسم المناهي العملية
Content

 سُئلتُ عن حديث: " رَأَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَبُولُ قَائِمًا، فَنَهَاهُ عَن ذَلِكَ ".

• قلتُ: هذا حديثٌ ضعيفٌ.

أخرَجَهُ ابنُ حِبَّانَ (ج ٢/ رقم ١٤٢٠) قال: أخبَرَنا أبو جابرٍ زيدُ بن عبد العزيز بالمَوصِل، قال: حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ إسماعيلَ الجوهَرِيُّ، قال: حدَّثَنا إبراهيمُ بنُ موسَى الفرَّاءُ، قال: حدَّثَنا هِشامُ بنُ يُوسُف، عن ابن جُريج، عن نافعٍ، عن ابن عُمَر مرفُوعًا: " لَا تَبُل قَائِمًا ".

قال ابنُ حِبَّانَ: " أَخافُ أنّ ابنَ جُريجٍ لم يَسمَع مِن نافعٍ هذا الخبر ".

• قلتُ: وقد صحَّ ظنُّ ابنِ حِبَّانَ ..

فقد رَوَاهُ عبدُ الرَّزَّاق، عن ابن جُريجٍ، عن عبد الكَريم بن أبي المُخارِق، عن نافعٍ، عن ابن عُمَر، عن عُمَر، قال: رآني رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أبُولُ قائمًا، فقال: " يا عُمرُ! لا تَبُل قائمًا "، فما بُلتُ قائمًا بعدُ.

أخرجَهُ التِّرمِذيُّ (١/ ١٧) مُعلَّقًا، ووصَلَه ابنُ ماجَهْ (٣٠٨)، وابنُ المُنذِر في " الأوسط " (ج ١/ رقم ٢٨٤)، وابنُ عديٍّ في " الكامل " (٥/ ١٩٧٨)، وتمَّامٌ الرَّازِيُّ في " الفوائد " (١٤٨)، والحاكِم في " المُستَدرَك " (١/ ١٨٥)، والبيهَقِيُّ في " السُّنَن الكبير " (١/ ١٠٢).

قال البُوصِيريُّ في " مِصباح الزُّجاجة " (١/ ١٣١): " هذا إسنادٌ،ص:79.

ضعيفٌ. عبدُ الكَريم مُتَّفَقٌ على تضعيفه، وقد تفرَّد بهذا الخبر. وعارَضَهُ خبرُ عُبيدِ اللّه بن عُمر العُمَرِيِّ الثِّقةِ المأمونِ المُجمَعِ على تثبُّتِه. ولا يُغتَرُّ بتصحيح ابنِ حِبَّان (١) هذا الخبرَ عن طريق هشام بن يُوسُف، عن ابن جُريجٍ، عن نافِعٍ، عن ابن عُمر؛ فإنَّه قال بعدَهُ: " أخافُ أن يكون ابنُ جُرَيجٍ لم يسمعه من نافِعٍ "، وقد صحَّ ظنُّهُ؛ فإنَّ ابنَ جُرَيجٍ إنَّمَا سمعه من ابن أبي المُخارِقِ، كما ثبتَ في رواية ابنِ ماجَهْ هذه والحاكمِ في " المُستدرَك "، واعتذر عن تخريجهِ بأنَّه إنَّما أخرجَهُ في المُتابَعات " انتهَى.

• قلتُ: فظَهَر مِن هذا التَّخريج أنَّ ابنَ جُريج دلَّس ابنَ أبي المُخارِق وأسقَطَه، وكان قَبِيحَ التَّدليسِ، كما قال الدَّارَقطنيُّ: " تَجنَّب تَدلِيسَ ابن جُريجٍ؛ فإِنَّه قبيحُ التَّدليس، لا يُدلِّس إلَّا ما سَمِعَهُ مِن مجَرُوح ". وعبدُ الكريم ضعيفٌ، وترَكَهُ جماعةٌ من النُّقَّاد.

ولذلك قال ابنُ المُنذِر: " هذا لا يَثبُت ".

أمَّا الشَّوكانيُّ، فنَقَل في " السَّيل الجرَّار " (١/ ٦٧) أنَّ السِّيُوطيَّ صحَّحه!! فرُبَّما نَظَرَ السِّيُوطيُّ إلى رواية ابنِ حِبَّانَ، وأهمَلَ تدليس ابن جُريجٍ، والسِّيوطيُّ مُتساهِلٌ كما هو مَعلُومٌ.

ثُمَّ إنَّ الحديث عند ابنِ حِبَّانَ عن ابن عُمر. والمعرُوفُ أنَّه عن عُمَر، فلا أَدرِي: أَهَذَا اختلافٌ في السَّنَد، أم وَقَع سقطٌ في كتاب ابن حِبَّانَ؟!


(١) لم يروه ابنُ حِبَّان ساكِتُا عنه حتَّى يُقال: "لا يُغترُّ"، إنَّما أبانَ عن عِلَّته. وهذا مثلما يَفعله شيخُهُ ابنُ خَزيمة إذا روى حديثًا ثُمَّ قال: "إن صحَّ الخَبرُ"، فلا يُقال في مثل هذا: صحَّحه ابنُ خُزَيمة. والله المُوفِّقُ. ثمَّ حُكمُه على إسناد الخَبَر بالضعف فقط مع قوله: "ابنُ أبي المُخارق مُتَّفقٌ على ضعفه" لا يَستقِيم، بل ينبغي أن يقول: "ضعيفٌ جدًّا ".ص:80.

والحديثُ ضَعَّفه النَّوَوِيُّ في " المجموع " (٢/ ٨٤).

وقال التِّرمذيُّ: " وإِنَّما رَفع هذا الحديثَ عبدُ الكَريم … وهُو ضعيفٌ عند أهل الحديث " ا. هـ.

• قلتُ: والتِّرمذيُّ يُشيرُ بكلامِهِ هذا إلى أنَّ الصَّوابَ وقفُه.

فأخرَجَهُ ابنُ أبي شيبة في " المُصنَّف " (١/ ١٢٤)، وابنُ المُنذِر في " الأوسط " (١/ ٣٣٨)، والبَزَّار (ج ١/ رقم ٢٤٤)، وأبو بكرٍ النَّجَّاد في " مُسنَد عُمَر " (ق ١٦٦/ ٢)، والطَّحاويُّ في " شرح المعاني " (٤/ ٢٦٨) من طُرُقٍ عن عُبيد الله بن عُمَر، عن نافعٍ، عن ابن عُمَر، عن عُمَر، قال: " ما بُلتُ قائمًا مُنذُ أسلمتُ ".

قال ابنُ المُنذِر: " ثَبَتَ عن عُمَر ".

وقال الهيثمِيُّ في " مجَمَع الزَّوائد " (١/ ٢٠٦)" رجالُه ثقاتٌ ".

وسَنَدُه صحيحٌ.

لكن أخرَجَ ابنُ أبي شَيبة (١/ ١٢٣)، والطَّحاوِيُّ (٤/ ٢٦٨) من طريقَين عن الأعمش، عن زيدِ بن وهبٍ، قال: " رأيتُ عُمَر بن الخطَّاب بال قائمًا ".

زاد الطَّحاوِيُّ: " فأَنجحَ - يعني: مال - حَتَّى كاد يُصرَعُ ".

وسَنَدُه صحيحٌ أيضًا، ولا يُعَلُّ بتدليس الأعمش؛ لأنَّ شُعبة رواه عَنهُ عند الطَّحاوِيِّ، وقد ثَبَتَ عن شُعبةَ، أنَّهُ قال: " كَفَيتُكُم تدليس ثلاثةٍ: الأعمش، وقتادة، وأبي إسحاق السَّبِيعِيِّ ".

فظاهِرُ الأَثَرين التَّناقُضُ، وقد جَمَع بينهما بعضُ أهل العِلم ..

كتاب إسعاف اللبيث،ج:2،ص:81.


Loading...